الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ودق

                                                          ودق : ودق إلى الشيء ودقا وودوقا : دنا . وودق الصيد يدق ودقا إذا دنا منك ; قال ذو الرمة :


                                                          كانت إذا ودقت أمثالهن له فبعضهن عن الآلاف مشتعب



                                                          ويقال : مارسنا بني فلان فما ودقوا لنا بشيء ، أي ما بذلوا ، ومعناه ما قربوا لنا شيئا من مأكول أو مشروب ، يدقون ودقا . وودقت إليه : دنوت منه . وفي المثل : ودق العير إلى الماء أي دنا منه ، يضرب لمن خضع للشيء بحرصه عليه . والوديقة : حر نصف النهار ، وقيل : شدة الحر ودنو حمي الشمس ; قال شمر : سميت وديقة لأنها ودقت إلى كل شيء أي وصلت إليه ; قال الهذلي أبو المثلم يرثي صخرا :


                                                          حامي الحقيقة نسال الوديقة مع     تاق الوسيقة لا نكس ولا وكل



                                                          قال ابن بري : صوابه : لا نكس ولا واني ; وقبله :


                                                          آبي الهضيمة ناب بالعظيمة     مت لاف الكريمة جلد غير ثنيان



                                                          قال ابن بري : وأما بيته الذي رويه لام فهو قوله :


                                                          بمنسر مصع يهدي أوائله     حامي الحقيقة لا وان ولا وكل



                                                          وفي حديث زياد : في يوم ذي وديقة أي حر شديد أشد ما يكون من الحر بالظهائر . ابن الأعرابي : يقال فلان يحمي الحقيقة وينسل الوديقة ; يقال للرجل المشمر القوي ، أي ينسل نسلانا في وقت الحر نصف النهار ، وقيل : هو الحر ما كان ، والأول أعرف ، وقيل : هو دومان الشمس في السماء أي دورانها ودنوها . وودق البطن : اتسع ودنا من السمن . وإبل وادقة البطون والسرر : اندلقت لكثرة شحمها ودنت من الأرض ; قال :


                                                          كوم الذرى وادقة سراتها



                                                          والمودق : المأتى للمكان وغيره ، والموضع مودق ; ومنه قول امرئ القيس :


                                                          دخلت على بيضاء جم عظامها     تعفي بذيل المرط إذ جئت مودقي



                                                          والمودق : معترك الشر . والمودق : الحائل بين الشيئين . وودقت به ودقا : استأنست به . والوداق في كل ذات حافر : إرادة الفحل ، وقد ودقت تدق ودقا ووداقا وودوقا وأودقت ، وهي مودق واستودقت وهي وديق وودوق . يقال : أتان وديق وبغلة وديق ، وقد ودقت تدق إذا حرصت على الفحل ، وبها وداق ، وفرس ودوق . وفي حديث ابن عباس فتمثل له جبريل على فرس وديق ; هي التي تشتهي الفحل ; قال ابن بري : ذكر ابن خالويه أودقت فهي وادق ، ولا يقال مودق ولا مستودق ; وشاهد الوداق قول الفرزدق :


                                                          كأن ربيعا من حماية منقر     أتان دعاها للوداق حمارها



                                                          ابن سيده : وقد يكون الوداق في الظباء مثله في الأتان ; حكاه كراع في عبارة ، قال : فلا أدري أهو أصل أم استعمله . وودق به : أنس . والودق : المطر كله شديده وهينه ، وقد ودق يدق ودقا أي قطر ; قال عامر بن جوين الطائي :


                                                          فلا مزنة ودقت ودقها     ولا أرض أبقل إبقالها



                                                          ومثله لزيد الخيل :


                                                          ضربن بغمرة فخرجن منها     خروج الودق من خلل السحاب



                                                          وودقت السماء وأودقت . ويقال للحرب الشديدة : ذات ودقين ، تشبه بسحابة ذات مطرتين شديدتين . ويقولون : سحابة وادقة ، [ ص: 183 ] وقلما يقولون ودقت تدق . ويقال : سحابة ذات ودقين أي مطرتين شديدتين . وشبه بها الحرب فقيل : حرب ذات ودقين ; وفي حديث علي - رضوان الله عليه - :

                                                          فإن هلكت فرهن ذمتي لهم بذات ودقين لا يعفو لها أثر أي حرب شديدة ، وهو من الودق ، والوداق الحرص على طلب الفحل ; لأن الحرب توصف باللقاح ، وقيل : هو من الودق المطر . يقال للحرب الشديدة : ذات ودقين ، تشبيها بسحاب ذات مطرتين شديدتين ; قال أبو عثمان المازني : لم يصح عندنا أن علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - تكلم بشيء من الشعر غير هذين البيتين :


                                                          تلكم قريش تمناني لتقتلني     فلا وربك ما بروا وما ظفروا
                                                          فإن هلكت فرهن ذمتي لهم     بذات روقين لا يعفو لها أثر



                                                          قال : ويقال داهية ذات روقين ، وذات ودقين ، إذا كانت عظيمة ; قال الكميت :


                                                          إذا ذات ودقين هاب الرقا     ة أن يمسحوها وأن يتفلوا



                                                          وقيل : ذات ودقين من صفات الحيات ، ولهذا قيل داهية ذات ودقين ، وقيل للداهية ذات ودقين أي ذات وجهين كأنها جاءت من وجهين ; قال الكميت :


                                                          وكائن وكم من ذات ودقين     ضئبل نآد كفيت المسلمين عضالها



                                                          ويقال : ذات ودقين من صفة الطعنة . والودقة والودقة ، الفتح ; عن كراع : نقطة في العين من دم تبقى فيها شرقة ، وقيل : هي لحمة تعظم فيها ، وقيل : هو مرض ليس بالرمد ترم منه الأذن وتشتد منه حمرة العين ، والجمع ودق ; قال رؤبة :


                                                          لا يشتكي صدغيه من داء الودق



                                                          ودقت عينه فهي ودقة . الأصمعي : يقال في عينه ودقة خفيفة إذا كانت فيها بثرة أو نقطة شرقة بالدم . ويقال : ودقت سرته تدق ودقا إذا سالت واسترخت . ورجل وادق السرة : شاخصها . والوداق والوداق : الحديد ; وأنشد بيت أبي قيس بن الأسلت :


                                                          أحفزها عني بذي     رونق مهند كالملح قطاع
                                                          صدق حسام وادق     حده ومجنأ أسمر قراع



                                                          الوادق : الماضي الضريبة . وودق السيف : حد ; وأنشد بيت أبي قيس أيضا : وادق حده ; قال ابن سيده : وحكاه أبو عبيد في باب الرماح ، وقد غلط إنما هو سيف وادق ; وقد روي البيت الأول :


                                                          أكفته عني بذي رونق     أبيض مثل الملح قطاع



                                                          قال : والدرع إنما تكفت بالسيف لا بالرمح . وإنه لوادق السنة أي كثير النوم في كل مكان ; هذه عن اللحياني . وودقان : موضع . أبو عبيد في باب استخذاء الرجل وخضوعه واستكانته بعد الإباء : يقال ودق العير إلى الماء ، يقال ذلك للمستخذي الذي يطلب السلام بعد الإباء ، وقال ودق أي أحب وأراد واشتهى . ابن السكيت : قال أبو صاعد : يقال وديقة من بقل ومن عشب ، وحلوا في وديقة منكرة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية