الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وشي

                                                          وشي : الجوهري : الوشي من الثياب معروف ، والجمع وشاء على فعل وفعال . ابن سيده : الوشي معروف ، وهو يكون من كل لون ; قال الأسود بن يعفر :


                                                          حمتها رماح الحرب حتى تهولت بزاهر نور مثل وشي النمارق

                                                          يعني جميع ألوان الوشي . والوشي في اللون : خلط لون بلون ، وكذلك في الكلام . يقال : وشيت الثوب أشيه وشيا وشية ووشيته توشية ، شدد للكثرة ، فهو موشي وموشى ، والنسبة إليه وشوي ، ترد إليه الواو وهو فاء الفعل وتترك الشين مفتوحا ; قال الجوهري : هذا قول سيبويه ، قال : وقال الأخفش القياس تسكين الشين ، وإذا أمرت منه قلت شه ، بهاء تدخلها عليه ; لأن العرب لا تنطق بحرف واحد ، وذلك أن أقل ما يحتاج إليه البناء حرفان : حرف يبتدأ به وحرف يوقف عليه ، والحرف الواحد لا يحتمل ابتداء ووقفا ; لأن هذه حركة ، وذلك سكون ، وهما متضادان ، فإذا وصلت بشيء ذهبت الهاء استغناء عنها . والحائك واش يشي الثوب وشيا أي نسجا وتأليفا . ووشى الثوب وشيا وشية : حسنه . ووشاه : نمنمه ونقشه وحسنه . ووشى الكذب والحديث : رقمه وصوره . والنمام يشي الكذب : يؤلفه ويلونه ويزينه . الجوهري : يقال وشى كلامه أي كذب . والشية : سواد في بياض أو بياض في سواد . الجوهري وغيره : الشية كل لون يخالف معظم لون الفرس وغيره ، وأصله من الوشي ، والهاء عوض من الواو الذاهبة من أوله كالزنة والوزن ، والجمع شيات . ويقال : ثور أشيه كما يقال فرس أبلق وتيس أذرأ . ابن سيده : الشية كل ما خالف اللون من جميع الجسد ، وفي جميع الدواب ، وقيل : شية الفرس لونه . وفرس حسن الأشي أي الغرة والتحجيل ، همزته بدل من واو وشي ; حكاه اللحياني وندره . وتوشى فيه الشيب : ظهر فيه كالشية ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          حتى توشى في وضاح وقل

                                                          وقل متوقل . وإن الليل طويل ولا أش شيته ولا إش شيته أي لا أسهره للفكر وتدبير ما أريد أن أدبره فيه ، من وشيت الثوب ، أو يكون من معرفتك بما يجري فيه لسهرك فتراقب نجومه ، وهو على الدعاء ; قال ابن سيده : ولا أعرف صيغة إش ولا وجه تصريفها . وثور موشى القوائم : فيه سعفة وبياض . وفي التنزيل العزيز : لا شية فيها ; أي ليس فيها لون يخالف سائر لونها . وأوشت الأرض : خرج أول نبتها ، وأوشت النخلة : خرج أول رطبها وفيها وشي من طلع أي قليل . ابن الأعرابي : أوشى إذا كثر ماله ، وهو الوشاء والمشاء . وأوشى الرجل وأفشى وأمشى كثرت ماشيته . ووشي السيف : فرنده الذي في متنه ، وكل ذلك من الوشي المعروف . وحجر به وشي أي حجر من معدن فيه ذهب ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          وما هبرزي من دنانير أيلة     بأيدي الوشاة ناصع يتأكل


                                                          بأحسن منه يوم أصبح غاديا     ونفسني فيه الحمام المعجل

                                                          قال : الوشاة الضرابون ، يعني ضراب الذهب ، ونفسني فيه : رغبني . وأوشى المعدن واستوشى : وجد فيه شيء يسير من ذهب . والوشاء : تناسل المال وكثرته كالمشاء والفشاء . قال ابن جني : هو فعال من الوشي ، كأن المال عندهم زينة وجمال لهم كما يلبس الوشي للتحسن به . والواشية : الكثيرة الولد ، يقال ذلك في كل ما يلد ، والرجل واش . ووشى بنو فلان وشيا : كثروا . وما وشت هذه الماشية عندي بشيء أي ما ولدت . ووشى به وشيا ووشاية : نم به . ووشى به إلى السلطان وشاية أي سعى . وفي حديث عفيف : خرجنا نشي بسعد إلى عمر ; هو من وشى إذا نم عليه وسعى به ، وهو واش ، وجمعه وشاة ، قال : وأصله استخراج الحديث باللطف والسؤال . وفي حديث الإفك : كان يستوشيه ويجمعه أي يستخرج الحديث بالبحث عنه . وفي حديث الزهري : أنه كان يستوشي الحديث . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - والمرأة العجوز : أجاءتني النآئد إلى استيشاء الأباعد أي ألجأتني الدواهي إلى مسألة الأباعد واستخراج ما في أيديهم . والوشي في الصوت . والواشي والوشاء : النمام . وأتشى العظم : جبر . الفراء : ائتشى العظم إذا برأ من كسر كان به ; قال أبو منصور : وهو افتعال من الوشي . وفي الحديث عن القاسم بن محمد : أن أبا سيارة ولع بامرأة أبي جندب ، فأبت عليه ثم أعلمت زوجها فكمن له ، وجاء فدخل عليها ، فأخذه أبو جندب فدق عنقه إلى عجب ذنبه ثم ألقاه في مدرجة الإبل ، فقيل له : ما شأنك ؟ فقال : وقعت عن بكر لي فحطمني ، فأتشى محدودبا ; معناه أنه برأ من الكسر الذي أصابه والتأم وبرأ مع احديداب حصل فيه . وأوشى الشيء : استخرجه برفق . وأوشى الفرس : أخذ ما عنده من الجري ; قال ساعدة بن جؤية :


                                                          يوشونهن إذا ما آنسوا فزعا     تحت السنور بالأعقاب والجذم

                                                          واستوشاه : كأوشاه . واستوشى الحديث : استخرجه بالبحث والمسألة ، كما يستوشى جري الفرس ، وهو ضربه جنبه بعقبه وتحريكه ليجري . يقال : أوشى فرسه واستوشاه . وكل ما دعوته وحركته لترسله فقد استوشيته . وأوشى إذا استخرج جري الفرس بركضه . وأوشى : استخرج معنى كلام أو شعر ; قال ابن بري : أنشد الجوهري في فصل جذم بيت ساعدة بن جؤية :


                                                          يوشونهن إذا ما آنسوا فزعا

                                                          قال أبو عبيد : قال الأصمعي يوشي يخرج برفق ; قال ابن بري : قال [ ص: 222 ] ابن حمزة غلط أبو عبيد على الأصمعي ، إنما قال يخرج بكره . وفلان يستوشي فرسه بعقبه أي يطلب ما عنده ليزيده ، وقد أوشاه يوشيه إذا استحثه بمحجن أو بكلاب ; وقال جندل بن الراعي يهجو ابن الرقاع :


                                                          جنادف لاحق بالرأس منكبه     كأنه كودن يوشى بكلاب


                                                          من معشر كحلت باللؤم أعينهم     وقص الرقاب موال غير طياب

                                                          وأوشى الشيء : علمه ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          غراء بلهاء لا يشقى الضجيع بها     ولا تنادي بما توشي وتستمع

                                                          لا تنادي به أي لا تظهره . وفي النهاية : في الحديث لا ينقض عهدهم عن شية ماحل ; قال : هكذا جاء في رواية أي من أجل وشي واش ، والماحل : الساعي بالمحال وأصل شية ، وشي فحذفت الواو وعوضت منها الهاء ، وفي حديث الخيل : فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية