الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 227 ] وصي

                                                          وصي : أوصى الرجل ووصاه : عهد إليه ; قال رؤبة :


                                                          وصاني العجاج فيما وصني

                                                          أراد : فيما وصاني ، فحذف اللام للقافية . وأوصيت له بشيء وأوصيت إليه إذا جعلته وصيك . وأوصيته ووصيته إيصاء وتوصية بمعنى . وتواصى القوم أي أوصى بعضهم بعضا . وفي الحديث : استوصوا بالنساء خيرا ; فإنهن عندكم عوان ، والاسم الوصاة والوصاية والوصاية . والوصية أيضا : ما أوصيت به . والوصي : الذي يوصي والذي يوصى له ، وهو من الأضداد . ابن سيده : الوصي الموصي والموصى ، والأنثى وصي ، وجمعهما جميعا أوصياء ، ومن العرب من لا يثني الوصي ولا يجمعه . الليث : الوصاة كالوصية ; وأنشد :


                                                          ألا من مبلغ عني يزيدا     وصاة من أخي ثقة ودود

                                                          يقال : وصي بين الوصاية . والوصية : ما أوصيت به ، وسميت وصية لاتصالها بأمر الميت ، وقيل لعلي - عليه السلام - وصي لاتصال نسبه وسببه وسمته بنسب سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسببه وسمته ، قلت : كرم الله وجه أمير المؤمنين علي وسلم عليه ، هذه صفاته عند السلف الصالح - رضي الله عنهم - ويقول فيه غيرهم : لولا دعابة فيه ; وقول كثير :


                                                          تخبر من لاقيت أنك عائذ     بل العائذ المحبوس في سجن عارم

                                                          وصي النبي المصطفى وابن عمه وفكاك أغلال وقاضي مغارم إنما أراد ابن وصي النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن ابن عمه ، وهو الحسن بن علي أو الحسين بن علي - رضي الله عنهم - فأقام الوصي مقامهما ، ألا ترى أن عليا - رضي الله عنه - لم يكن في سجن عارم ولا سجن قط ؟ قال ابن سيده : أنبأنا بذلك أبو العلاء عن أبي علي الفارسي والأشهر أنه محمد بن الحنفية - رضي الله عنه - حبسه عبد الله بن الزبير في سجن عارم ، والقصيدة في شعر كثير مشهورة ، والممدوح بها محمد بن الحنفية ، قال : ومثله قول الآخر :


                                                          صبحن من كاظمة الحصن الخرب     يحملن عباس بن عبد المطلب

                                                          إنما أراد : يحملن ابن عباس ، ويروى : الخص الخرب . وقوله - عز وجل - : يوصيكم الله في أولادكم ; معناه يفرض عليكم ; لأن الوصية من الله إنما هي فرض ، والدليل على ذلك قوله تعالى : ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به ; وهذا من الفرض المحكم علينا . وقوله تعالى : أتواصوا به ; قال أبو منصور : أي أوصى أولهم آخرهم ، والألف ألف استفهام ، ومعناها التوبيخ . وتواصوا : أوصى بعضهم بعضا . ووصى الرجل وصيا : وصله . ووصى الشيء بغيره وصيا : وصله . أبو عبيد : وصيت الشيء ووصلته سواء ; قال ذو الرمة :


                                                          نصي الليل بالأيام حتى صلاتنا     مقاسمة يشتق أنصافها السفر

                                                          يقول : رجع صلاتنا من أربعة إلى اثنين في أسفارنا لحال السفر . وفلاة واصية : تتصل بفلاة أخرى ; قال ذو الرمة :


                                                          بين الرجا والرجا من جنب واصية     يهماء خابطها بالخوف معكوم

                                                          قال الأصمعي : وصى الشيء يصي إذا اتصل ، ووصاه غيره يصيه : وصله . ابن الأعرابي : الوصي النبات الملتف ، وإذا أطاع المرتع للسائمة فأصابته رغدا ، قيل أوصى لها المرتع يصي وصيا . وأرض واصية : متصلة النبات إذا اتصل نبتها ، وربما قالوا تواصى النبت إذا اتصل ، وهو نبت واص ; وأنشد ابن بري للراجز :


                                                          يا رب شاة شاص     في ربرب خماص
                                                          يأكلن من قراص     وحمصيص واص

                                                          وأنشد آخر :


                                                          لها موفد وفاه واص كأنه     زرابي قيل قد تحومي مبهم

                                                          الموفد : السنام ، والقيل : الملك ، وقال طرفة :


                                                          يرعين وسميا وصى نبته     فانطلق اللون ودق الكشوح

                                                          يقال منه : أوصيت أي دخلت في الواصي . ووصت الأرض وصيا ووصيا ووصاء ووصاة ; الأخيرة نادرة حكاها أبو حنيفة ، كل ذلك : اتصل نباتها بعضه ببعض ، وهي واصية ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          أهل الغنى والجرد والدلاص     والجود وصاهم بذاك الواصي

                                                          أراد : الجود الواصي أي المتصل ; يقول : الجود وصاهم بأن يديموه أي الجود الواصي وصاهم بذلك ; قال ابن سيده : وقد يكون الواصي هنا اسم الفاعل من أوصى ، على حذف الزائد أو على النسب ، فيكون مرفوع الموضع بأوصى لا مجروره على أن يكون نعتا للجود ، كما يكون في القول الأول . ووصيت الشيء بكذا وكذا إذا وصلته به ; وأنشد بيت ذي الرمة :


                                                          نصي الليل بالأيام

                                                          والوصى والوصي جميعا : جرائد النخل التي يخزم بها ، وقيل : هي من الفسيل خاصة ، وواحدتها وصاة ووصية . ويوصى : طائر قيل هو الباشق ، وقيل : هو الحر عراقية ، ليست من أبنية العرب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية