الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 239 ] وطن

                                                          وطن : الوطن : المنزل تقيم به ، وهو موطن الإنسان ومحله ; وقد خففه رؤبة في قوله :


                                                          أوطنت وطنا لم يكن من وطني لو لم تكن عاملها لم أسكن بها     ولم أرجن بها في الرجن

                                                          قال ابن بري : الذي في شعر رؤبة :


                                                          كيما ترى أهل العراق أنني     أوطنت أرضا لم تكن من وطني

                                                          وقد ذكر في موضعه ، والجمع أوطان . وأوطان الغنم والبقر : مرابضها وأماكنها التي تأوي إليها ; قال الأخطل :


                                                          كروا إلى حرتيكم تعمرونهما     كما تكر إلى أوطانها البقر

                                                          ومواطن مكة : مواقفها ، وهو من ذلك . وطن بالمكان وأوطن أقام ، الأخيرة أعلى . وأوطنه : اتخذه وطنا . يقال : أوطن فلان أرض كذا وكذا أي اتخذها محلا ومسكنا يقيم فيها . والميطان : الموضع الذي يوطن لترسل منه الخيل في السباق ، وهو أول الغاية ، والميتاء والميداء آخر الغاية الأصمعي : هو الميدان والميطان ، بفتح الميم من الأول وكسرها من الثاني . وروى عمرو عن أبيه قال : المياطين الميادين . يقال : من أين ميطانك أي غايتك . وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - : كان لا يوطن الأماكن أي لا يتخذ لنفسه مجلسا يعرف به . والموطن : مفعل منه ، ويسمى به المشهد من مشاهد الحرب ، وجمعه مواطن . والموطن المشهد من مشاهد الحرب . وفي التنزيل العزيز : لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ; وقال طرفة :


                                                          على موطن يخشى الفتى عنده الردى     متى تعترك فيه الفرائص ترعد

                                                          وأوطنت الأرض ووطنتها توطينا واستوطنتها أي اتخذتها وطنا ، وكذلك الاتطان ، وهو افتعال منه . غيره : أما المواطن فكل مقام قام به الإنسان لأمر فهو موطن له ، كقولك : إذا أتيت فوقفت في تلك المواطن فادع الله لي ولإخواني . وفي الحديث : أنه نهى عن نقرة الغراب ، وأن يوطن الرجل في المكان بالمسجد كما يوطن البعير ، قيل : معناه أن يألف الرجل مكانا معلوما من المسجد مخصوصا به يصلي فيه كالبعير لا يأوي من عطن إلا إلى مبرك دمث قد أوطنه واتخذه مناخا ، وقيل : معناه أن يبرك على ركبتيه قبل يديه إذا أراد السجود مثل بروك البعير ; ومنه الحديث : أنه نهى عن إيطان المساجد أي اتخاذها وطنا . وواطنه على الأمر : أضمر فعله معه ، فإن أراد معنى وافقه قال : واطأه . تقول : واطنت فلانا على هذا الأمر إذا جعلتما في أنفسكما أن تفعلاه ، وتوطين النفس على الشيء : كالتمهيد . ابن سيده : وطن نفسه على الشيء وله فتوطنت حملها عليه فتحملت وذلت له ، وقيل : وطن نفسه على الشيء وله فتوطنت حملها عليه ; قال كثير :


                                                          فقلت لها يا عز كل مصيبة     إذا وطنت يوما لها النفس ذلت

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية