الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وظب

                                                          وظب : وظب على الشيء ، ووظبه وظوبا ، وواظب : لزمه وداومه ، وتعهده . الليث : وظب فلان يظب وظوبا : دام . والمواظبة : المثابرة على الشيء ، والمداومة عليه . قال اللحياني : يقال فلان مواكظ على كذا وكذا ، وواكظ وواظب ومواظب ، بمعنى واحد أي مثابر ; وقال سلامة بن جندل يصف واديا :


                                                          شيب المبارك مدروس مدافعه هابي المراغ قليل الودق موظوب

                                                          أراد : شيب مباركه ، ولذلك جمع . وقال ابن السكيت في قوله موظوب : قد وظب عليه حتى أكل ما فيه . وقوله : هابي المراغ أي منتفخ التراب ، لا يتمرغ به بعير ، قد ترك لخوفه . وقوله : مدروس مدافعه أي قد دق ، ووطئ ، وأكل نبته . ومدافعه : أوديته شيب المبارك ، قد ابيضت من الجدوبة . والمواظبة : المثابرة على الشيء . وفي حديث أنس : كن أمهاتي يواظبنني على خدمته أي يحملنني ويبعثنني على ملازمة خدمته ، والمداومة عليها ، وروي بالطاء المهملة والهمز ، من المواطأة على الشيء . وأرض موظوبة ، وروضة موظوبة : تدوولت بالرعي ، وتعهدت حتى لم يبق فيها كلأ ، ولشد ما وطئت . وواد موظوب : معروك . والوظبة : الحياء من ذوات الحافر . وموظب ، بفتح الظاء : أرض معروفة ; وقال أبو العلاء : هو موضع مبرك إبل بني سعد ، مما يلي أطراف مكة ، وهو شاذ كمورق ، وكقولهم : ادخلوا موحد موحد ; قال ابن سيده : وإنما حق هذا كله الكسر ; لأن آتي الفعل منه ، إنما هو على يفعل ، كيعد قال خداش بن زهير :


                                                          كذبت عليكم أوعدوني وعللوا     بي الأرض والأقوام قردان موظبا

                                                          أي عليكم بي وبهجائي يا قردان موظب إذا كنتم في سفر فاقطعوا بذكري الأرض ; قال : وهذا نادر ، وقياسه موظب . ويقال للروضة إذا ألح في الرعي : قد وظبت ، فهي موظوبة . ويقال : فلان يظب على الشيء ، ويواظب عليه . ورجل موظوب إذا تداولت ماله النوائب ; قال سلامة بن جندل :


                                                          كنا نحل إذا هبت شآمية     بكل واد حديث البطن موظوب

                                                          قال ابن بري : صواب إنشاده :


                                                          حطيب الجون مجدوب

                                                          قال : وأما موظوب ، ففي البيت الذي بعده :


                                                          شيب المبارك مدروس مدافعه     هابي المراغ قليل الودق موظوب

                                                          وقد تقدم هذا البيت في استشهاد غير الجوهري على هذه الصورة . والمجدوب : المجدب ، ويقال : المعيب من قولهم جدبته أي عبته . وشيب المبارك : بيض المبارك ، لغلبة الجدب على المكان . والمدافع : [ ص: 240 ] مواضع السيل . ودرست أي دقت ، يعني مدافع الماء إلى الأودية ، التي هي منابت العشب ، قد جفت وأكل نبتها ، وصار ترابها هابيا . وهابي المراغ : مثل قولك هابي التراب ، وقد فسرناه أيضا في صدر الترجمة ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية