الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وغر

                                                          وغر : الوغرة : شدة توقد الحر . والوغر : احتراق الغيظ ، ومنه قيل : في صدره علي وغر ، بالتسكين ، أي ضغن وعداوة وتوقد من الغيظ ، والمصدر بالتحريك . ويقال : وغر صدره عليه يوغر وغرا ، ووغر يغر إذا امتلأ غيظا وحقدا ، وقيل : هو أن يحترق من شدة الغيظ . ويقال : ذهب وغر صدره ووغم صدره أي ذهب ما فيه من الغل والعداوة ، ولقيته في وغرة الهاجرة : وهو حين تتوسط الشمس السماء . وقوله في حديث الإفك : فأتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة أي في وقت الهاجرة ، وقت توسط الشمس السماء . يقال وغرت الهارجة وغرا أي رمضت واشتد حرها ، ويقال : نزلنا في وغرة القيظ على ماء كذا . وأوغر الرجل : دخل في ذلك الوقت ، كما يقال : أظهر إذا دخل في وقت الظهر . ويروى في الحديث فأتينا الجيش مغورين . وأوغر القوم : دخلوا في الوغرة . والوغر والوغر : الحقد والذحل ، وأصله من ذلك ، وقد وغر صدره يوغر وغرا ووغر يغر وغرا فيهما ، قال : ويوغر أكثر ، وأوغره وهو واغر الصدر علي . وفي الحديث : الهدية تذهب ، وغر الصدر هو ; بالتحريك الغل والحرارة ، وأصله من الوغرة وشدة الحر ; ومنه حديث مازن - رضي الله عنه - :


                                                          ما في القلوب عليكم فاعلموا وغر

                                                          وفي حديث المغيرة : واغرة الضمير ، وقيل : الوغر تجرع الغيظ والحقد . والتوغير : الإغراء بالحقد ; أنشد سيبويه للفرزدق :


                                                          دست رسول الله بأن القوم إن قدروا     عليك يشفوا صدورا ذات توغير

                                                          وأوغرت صدره على فلان أي أحميته من الغيظ . والوغير : لحم يشوى على الرمضاء . والوغير : اللبن ترمى فيه الحجارة المحماة ثم يشرب ; والمستوغر بن ربيعة الشاعر المعروف منه ، سمي بذلك لقوله يصف فرسا عرقت :


                                                          ينش الماء في الربلات منها     نشيش الرضف في اللبن الوغير

                                                          والربلات : جمع ربلة وربلة ، وهي باطن الفخذ . والرضف : حجارة تحمى وتطرح في اللبن ليجمد ، وقيل : الوغير اللبن يغلى ويطبخ . الجوهري : الوغيرة اللبن يسخن بالحجارة المحماة ، وكذلك الوغير . ابن سيده : والوغيرة اللبن وحده محضا يسخن حتى ينضج ، وربما جعل فيه السمن ، وقد أوغره ، وكذلك التوغير ; قال الشاعر :


                                                          فسائل مرادا عن ثلاثة فتية     وعن أثر ما أبقى الصريح الموغر

                                                          والإيغار : أن تسخن الحجارة وتحرقها ثم تلقيها في الماء لتسخنه . وقد أوغر الماء إيغارا إذا أحرقه حتى غلى ; ومنه المثل : كرهت الخنازير الحميم الموغر ، وذلك لأن قوما من النصارى كانوا يسمطون الخنزير حيا ثم يشوونه ; قال الشاعر :


                                                          ولقد رأيت مكانهم فكرهتهم     ككراهة الخنزير للإيغار

                                                          ووغر الجيش : صوتهم وجلبتهم ; قال ابن مقبل :


                                                          في ظهر مرت عساقيل السراب به     كأن وغر قطاه وغر حادينا

                                                          المرت : القفر الذي لا نبات له . وعساقيل السراب : قطعه ، واحدها عسقول ; شبه أصوات القطا فيه بأصوات رجال حادين ، والألف في آخره للإطلاق ; وقال الراجز :


                                                          كأنما زهاؤه لمن جهر ليل     ورز وغره إذا وغر

                                                          الوغر : الصوت . ووغرهم : كوغرهم ، ولم يحك ابن الأعرابي في وغر الجيش إلا الإسكان فقط ، وصرح بأن الفتح لا يجوز . والإيغار : المستعمل في باب الخراج ، قال ابن دريد : لا أحسبه عربيا صحيحا . غيره : يقال أوغر العامل الخراج أي استوفاه ، وفي التهذيب : وغر . ويقال : الإيغار أن يوغر الملك لرجل الأرض يجعلها له من غير خراج . قال : وقد يسمى ضمان الخراج إيغارا ، وهي لفظة مولدة ، وقيل : الإيغار أن يسقط الخراج عن صاحبه في بلد ويحول مثله إلى بلد آخر فيكون ساقطا عن الأول وراجعا إلى بيت المال ، وقيل : سمي الإيغار لأنه يوغر صدور الذين يزاد عليهم خراج لا يلزمهم . وأوغرت صدره أي أوقدته من الغيظ وأحميته . أبو سعيد : أوغرت فلانا إلى كذا أي ألجأته ; وأنشد :


                                                          وتطاولت بك همة محطوطة     قد أوغرتك إلى صبا ومجون

                                                          أي ألجأتك إلى الصبا . قال : واشتقاقه من إيغار الخراج ، وهو أن يؤدي الرجل خراجه إلى السلطان الأكبر فرارا من العمال . يقال : أوغر الرجل خراجه إذا فعل ذلك . قال ابن سيده : وهو بالواو لوجود أوغر وعدم أيغر ، والله تعالى أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية