الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ولد

                                                          ولد : الوليد : الصبي حين يولد ، وقال بعضهم : تدعى الصبية أيضا وليدا ، وقال بعضهم : بل هو للذكر دون الأنثى ، وقال ابن شميل : يقال غلام مولود ، وجارية مولودة ، أي حين ولدته أمه ، والولد اسم يجمع الواحد والكثير ، والذكر والأنثى . ابن سيده : ولدته أمه ولادة وإلادة على البدل ، فهي والدة على الفعل ، ووالد على النسب ; حكاه ثعلب في المرأة . وكل حامل تلد ويقال لأم الرجل : هذه والدة . وولدت المرأة ولادا وولادة وأولدت : حان ولادها .

                                                          والوالد : الأب . والوالدة : الأم ، وهما الولدان ; والولد يكون واحدا وجمعا . ابن سيده : الولد والولد ، بالضم : ما ولد أيا كان ، وهو يقع على الواحد والجمع ، والذكر والأنثى ، وقد جمعوا فقالوا أولاد وولدة وإلدة ، وقد يجوز أن يكون الولد جمع ولد كوثن ووثن ، فإن هذا مما يكسر على هذا المثال لاعتقاب المثالين على الكلمة . والولد ، بالكسر : كالولد لغة ، وليس بجمع ; لأن فعلا ليس مما يكسر على فعل . والولد أيضا : الرهط على التشبيه بولد الظهر . وولد الرجل : ولده في معنى . وولده : رهطه في معنى . وتوالدوا أي كثروا وولد بعضهم بعضا . ويقال في تفسير قوله تعالى : ماله وولده إلا خسارا ; أي رهطه . ويقال : ولده ، والولدة جمع الأولاد ; قال رؤبة :


                                                          سمطا يربي ولدة زعابلا



                                                          قال الفراء : قال إبراهيم : ماله وولده ، وهو اختيار أبي عمرو ، وكذلك قرأ ابن كثير وحمزة ، وروى خارجة عن نافع وولده أيضا ، وقرأ ابن إسحاق ماله وولده ، وقال هما لغتان . ولد وولد . وقال الزجاج : الولد والولد واحد مثل العرب والعرب ، والعجم والعجم ، ونحو ذلك ; قال الفراء وأنشد :


                                                          ولقد رأيت معاشرا     قد ثمروا مالا وولدا



                                                          قال : ومن أمثال العرب ، وفي الصحاح من أمثال بني أسد : ولدك من دمى عقبيك ; وأنشد :


                                                          فليت فلانا كان في بطن     أمه وليت فلانا كان ولد حمار



                                                          فهذا واحد . قال : وقيس تجعل الولد جمعا والولد واحدا . ابن السكيت : يقال في الولد الولد والولد . قال : ويكون الولد واحدا وجمعا . قال : وقد يكون الولد جمع الولد مثل أسد وأسد ، ويقال : ما أدري أي ولد الرجل هو أي الناس هو . والوليد : المولود حين يولد ، والجمع ولدان ، والاسم الولادة والولودية ; عن ابن الأعرابي .

                                                          قال ثعلب : الأصل الوليدية كأنه بناه على لفظ الوليد ، وهي من المصادر التي لا أفعال لها ، والأنثى وليدة ، والجمع ولدان وولائد . وفي الحديث : واقية كواقية الوليد ; هو الطفل فعيل بمعنى مفعول ، أي كلاءة وحفظا كما يكلأ الطفل ; وقيل : أراد بالوليد ، موسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - لقوله تعالى : ألم نربك فينا وليدا ; أي كما وقيت موسى شر فرعون وهو في حجره فقني شر قومي وأنا بين أظهرهم . وفي الحديث : الوليد في الجنة ; أي الذي مات وهو طفل سقط ; وفي الحديث : لا تقتلوا وليدا يعني في الغزو . قال : وقد تطلق الوليدة على الجارية والأمة ، وإن كانت كبيرة . وفي الحديث : تصدقت أمي علي بوليدة ، يعني جارية . ومولد الرجل : وقت ولاده . ومولده : الموضع الذي ولد فيه . وولدته الأم تلده مولدا . وميلاد الرجل : اسم الوقت الذي ولد فيه . وفي حديث الاستعاذة : ومن شر والد وما ولد ; يعني إبليس والشياطين ، هكذا فسر . وقولهم في المثل : هم في أمر لا ينادى وليده ; قال ابن سيده : نرى أصله كأن شدة أصابتهم حتى كانت الأم تنسى وليدها فلا تناديه ولا تذكره مما هم فيه ، ثم صار مثلا لكل شدة ، وقيل : هو أمر عظيم لا ينادى فيه الصغار بل الجلة ، وقد يقال في موضع الكثرة والسعة أي متى أهوى الوليد بيده إلى شيء لم يزجر عنه لكثرة الشيء عندهم ; وقال ابن السكيت في قول مزرد الثعلبي :


                                                          تبرأت من شتم الرجال بتوبة     إلى الله مني لا ينادى وليدها



                                                          قال : هذا مثل ضربه معناه أي لا أرجع ولا أكلم فيها كما لا يكلم الوليد في الشيء الذي يضرب له فيه المثل . وقال الأصمعي وأبو عبيدة في قولهم : هو أمر لا ينادى وليده ، قال أحدهما : أي هو أمر جليل شديد لا ينادى فيه الوليد ولكن تنادى فيه الجلة ، وقال آخر : أصله من الغارة أي تذهل الأم عن ابنها أن تناديه وتضمه ، ولكنها تهرب عنه ، ويقال : أصله من جري الخيل ; لأن الفرس إذا كان جوادا أعطى من غير أن يصاح به لاستزادته ، كما قال النابغة الجعدي يصف فرسا :


                                                          وأخرج من تحت العجاجة     صدره وهز اللجام رأسه فتصلصلا
                                                          أمام هوي لا ينادى وليده      [ ص: 277 ]
                                                          وشد وأمر بالعنان ليرسلا



                                                          ثم قيل ذلك لكل أمر عظيم ولكل شيء كثير . وقوله : أمام يريد قدام ، والهوي : شدة السرعة . ابن السكيت : ويقال جاءوا بطعام لا ينادى وليده ، وفي الأرض عشب لا ينادى وليده ، أي إن كان الوليد في ماشية لم يضره أين صرفها لأنها في عشب ، فلا يقال له : اصرفها إلى موضع كذا ; لأن الأرض كلها مخصبة ، وإن كان طعام أو لبن فمعناه أنه لا يبالي كيف أفسد فيه ، ولا متى أكل ، ولا متى شرب ، وفي أي نواحيه أهوى . ورجل فيه ولودية ; والولودية : الجفاء وقلة الرفق والعلم بالأمور ، وهي الأمية . وفعل ذلك في وليديته أي في الحالة التي كان فيها وليدا . وشاة والدة وولود : بينة الولاد ، ووالد ، والجمع ولد . وقد ولدتها وأولدت هي ، وهي مولد ، من غنم مواليد وموالد . ويقال : ولد الرجل غنمه توليدا كما يقال : نتج إبله . وفي حديث لقيط : ما ولدت يا راعي ؟ يقال : ولدت الشاة توليدا إذا حضرت ولادتها ، فعالجتها حين يبين الولد منها . وأصحاب الحديث يقولون : ما ولدت ؟ يعنون الشاة ، والمحفوظ بتشديد اللام على الخطاب للراعي ; ومنه حديث الأبرص والأقرع فأنتج هذا وولد هذا . الليث : شاة والد ، وهي الحامل ، وإنها لبينة الولاد . وفي الحديث : فأعطى شاة والدا أي عرف منها كثرة النتاج . وأما الولادة فهي وضع الوالدة ولدها . والمولدة : القابلة ; وفي حديث مسافع : حدثتني امرأة من بني سليم قالت : أنا ولدت عامة أهل ديارنا أي كنت لهم قابلة ; وتولد الشيء من الشيء . واللدة : الترب ، والجمع لدات ولدون ; قال الفرزدق :


                                                          رأين شروخهن مؤزرات     وشرخ لدي أسنان الهرام



                                                          الجوهري : ولدة الرجل تربه ، والهاء عوض من الواو الذاهبة من أوله لأنه من الولادة ، وهما لدتان . ابن سيده : والوليدة والمولدة الجارية المولودة بين العرب ; غيره : وعربية مولدة ، ورجل مولد إذا كان عربيا غير محض . ابن شميل : المولدة التي ولدت بأرض وليس بها إلا أبوها أو أمها .

                                                          والتليدة : التي أبوها وأهل بيتها وجميع من هو بسبيل منها بأرض ، وهي بأرض أخرى . قال : والقن من العبيد التليد الذي ولد عندك . وجارية مولدة : تولد بين العرب وتنشأ مع أولادهم ويغذونها غذاء الولد ويعلمونها من الأدب مثل ما يعلمون أولادهم ; وكذلك المولد من العبيد ; وإن سمي المولد من الكلام مولدا إذا استحدثوه ولم يكن من كلامهم فيما مضى . وفي حديث شريح : أن رجلا اشترى جارية وشرطوا أنها مولدة فوجدها تليدة ; المولدة : التي ولدت بين العرب ونشأت مع أولادهم وتأدبت بآدابهم . والتليدة : التي ولدت ببلاد العجم ، وحملت فنشأت ببلاد العرب . والتليدة من الجواري : هي التي تولد في ملك قوم وعندهم أبواها . والوليدة : المولودة بين العرب ، وغلام وليد كذلك . والوليد : الصبي والعبد . والوليد : الغلام حين يستوصف قبل أن يحتلم ، والجمع ولدان وولدة ; وجارية وليدة . وجاءنا ببينة مولدة : ليست بمحققة . وجاءنا بكتاب مولد أي مفتعل . والمولد : المحدث من كل شيء ، ومنه المولدون من الشعراء إنما سموا بذلك لحدوثهم . والوليدة : الأمة والصبية بينة الولادة ; والوليدية ، والجمع الولائد . ويقال للأمة : وليدة ، وإن كانت مسنة .

                                                          قال أبو الهيثم : الوليد الشاب ، والولائد الشواب من الجواري ، والوليد الخادم الشاب يسمى وليدا من حين يولد إلى أن يبلغ . قال الله تعالى : ألم نربك فينا وليدا . قال : والخادم إذا كان شابا وصيف . والوصيفة : وليدة ، وأملح الخدم الوصفاء والوصائف . وخادم أهل الجنة : وليد أبدا لا يتغير عن سنه . وحكى أبو عمرو ; عن ثعلب قال : ومما حرفته النصارى أن في الإنجيل يقول الله تعالى مخاطبا عيسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - : أنت نبيي ، وأنا ولدتك ، أي ربيتك ، فقال النصارى : أنت بنيي وأنا ولدتك ، وخففوه وجعلوا له ولدا ، سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا . الأموي : إذا ولدت الغنم بعضها بعد بعض قيل : قد ولدتها الرجيلاء ، ممدود ، وولدتها طبقا وطبقة ; وقول الشاعر :


                                                          إذا ما ولدوا شاة تنادوا     أجدي تحت شاتك أم غلام ؟



                                                          قال ابن الأعرابي في قوله : ولدوا شاة رماهم بأنهم يأتون البهائم . قال أبو منصور : والعرب تقول : نتج فلان ناقته إذا ولدت ولدها وهو يلي ذلك منها ، فهي منتوجة والناتج للإبل بمنزلة القابلة للمرأة إذا ولدت ، ويقال في الشاء : ولدناها أي ولينا ولادتها ، ويقال لذوات الأظلاف والشاء والبقر : ولدت الشاة والبقرة ، مضمومة الواو مكسورة اللام مشددة . ويقال أيضا : وضعت في موضع ولدت .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية