الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون

                                                                                                                                                                                                                                      وكذلك ومثل ذلك التزيين ، وهو تزيين الشرك في قسمة القربان بين الله تعالى وبين آلهتهم ، أو مثل ذلك التزيين البليغ المعهود من الشياطين .

                                                                                                                                                                                                                                      زين لكثير من المشركين قتل أولادهم بوأدهم ونحرهم لآلهتهم ، كان الرجل يحلف في الجاهلية لئن ولد له كذا غلاما لينحرن أحدهم ، كما حلف عبد المطلب ، وهو مشهور .

                                                                                                                                                                                                                                      شركاؤهم ; أي : أولياؤهم من الجن ، أو من السدنة ، وهو فاعل " زين " أخر عن الظرف والمفعول لما مر غير مرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرئ على البناء للمفعول الذي هو القتل ، ونصب الأولاد وجر الشركاء بإضافة القتل إليه مفصولا بينهما بمفعوله .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرئ على البناء للمفعول ، ورفع قتل وجر أولادهم ورفع شركاؤهم بإضمار فعل دل عليه زين ، كأنه لما قيل : زين لهم قتل أولادهم ، قيل : من زينه ؟ فقيل : زينه شركاؤهم .

                                                                                                                                                                                                                                      ليردوهم ; أي : يهلكوهم بالإغواء .

                                                                                                                                                                                                                                      وليلبسوا عليهم دينهم وليخلطوا عليهم ما كانوا عليه من دين إسماعيل عليه السلام ، أو ما وجب عليهم أن يتدينوا به ، واللام للتعليل إن كان التزيين من الشياطين ، وللعاقبة إن كان من السدنة .

                                                                                                                                                                                                                                      ولو شاء الله ; أي : عدم فعلهم ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      ما فعلوه ; أي : ما فعل المشركون ما زين لهم من القتل ، أو الشركاء التزيين ، أو الإرداء واللبس ، أو الفريقان ، جميع ذلك على إجراء الضمير مجرى اسم الإشارة .

                                                                                                                                                                                                                                      فذرهم وما يفترون الفاء [ ص: 190 ] فصيحة ; أي : إذا كان ما فعلوه بمشيئة الله تعالى فدعهم وافتراءهم ، أو وما يفترونه من الإفك ، فإن فيما شاء الله تعالى حكما بالغة ، إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ، وفيه من شدة الوعيد ما لا يخفى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية