الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          [ ص: 104 ] 3074 - (صد) : عباد بن بشر بن وقش ، ويقال : عباد بن بشر بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج الأنصاري ، أبو بشر ، وأبو الربيع الأشهلي . وأمه فاطمة بنت عدي ، من القواقل ، كان من سادات الصحابة .

                                                                          قال أبو عمر بن عبد البر : لا يختلفون أنه أسلم بالمدينة ، على يدي مصعب بن عمير ، وذلك قبل إسلام سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وشهد بدرا ، وأحدا ، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان فيمن قتل كعب بن الأشرف اليهودي ، وكان من فضلاء الصحابة .

                                                                          روى أنس بن مالك : أن عصاه كانت تضيء له إذا خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته ليلا ، وعرض له ذلك مرة مع أسيد بن حضير ، فلما افترقا أضاءت لكل واحد منهما عصاه .

                                                                          [ ص: 105 ] وقال البخاري في " التاريخ " : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، عن إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : ثلاثة من الأنصار ، لم يكن أحد يعتد عليهم فضلا ، كلهم من بني عبد الأشهل : سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وعباد بن بشر .

                                                                          هكذا ذكره البخاري ، ورواه الناس من طريق سلمة بن الفضل ، وغيره .

                                                                          عن ابن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كان في بني عبد الأشهل ثلاثة .

                                                                          لم يكن بعد النبي صلى الله عليه وسلم أحد أفضل منهم : سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وعباد بن بشر .

                                                                          قال عباد بن عبد الله : والله ما سماني أبي عبادا إلا به .

                                                                          وروى محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن عائشة ، قالت : تهجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليلة في بيتي ، فسمع صوت عباد بن بشر ، فقال : يا عائشة ، صوت عباد بن بشر هذا ؟ قلت : نعم .

                                                                          قال : اللهم اغفر له
                                                                          .

                                                                          وكان عباد بن بشر ممن قتل كعب بن الأشرف اليهودي الذي كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويحرض على أذاه ، وقال عباد بن بشر في ذلك شعرا وهو :


                                                                          صرخت به فلم يعرض لصوتي وأوفى طالعا من رأس جدر     فعدت له ، فقال من المنادي
                                                                          فقلت : أخوك عباد بن بشر

                                                                          [ ص: 106 ]

                                                                          وهذي درعنا رهنا فخذها     لشهر إن وفى أو نصف شهر
                                                                          فقال معاشر سغبوا وجاعوا     وما عدموا الغنى من غير فقر
                                                                          فأقبل نحونا يهوي سريعا     وقال لنا لقد جئتم لأمر
                                                                          وفي أيماننا بيض حداد     مجربة بها الكفار نفري
                                                                          فعانقه ابن مسلمة المردى     به الكفار كالليث الهزبر
                                                                          وشد بسيفه صلتا عليه     فقطره أبو عبس بن جبر
                                                                          وكان الله سادسنا فأبنا     بأنعم نعمة ، وأعز نصر
                                                                          وجاء برأسه نفر كرام     هم ناهيك من صدق وبر

                                                                          قال : والذين قتلوا كعب بن الأشرف : محمد بن مسلمة ، والحارث بن أوس ، وعباد بن بشر ، وأبو عبس بن جبر ، وأبو نائلة ، سلكان بن وقش الأشهلي ، واستشهد عباد بن بشر يوم اليمامة .

                                                                          وذكر موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب ، قال : وممن شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم : عباد بن بشر ، وقتل يوم اليمامة شهيدا .

                                                                          وكان له يومئذ بلاء وغناء ، واستشهد يومئذ وهو ابن خمس وأربعين سنة .

                                                                          روى له أبو داود في " فضائل الأنصار " ، وقد وقع لنا حديثه بعلو . وأخبرنا به إبراهيم بن إسماعيل القرشي ، قال : أنبأنا محمد بن معمر بن الفاخر القرشي في جماعة ، قالوا : أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله . [ ص: 107 ] قالت : أخبرنا أبو بكر بن ريذة ، قال : أخبرنا أبو القاسم الطبراني ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، وأبو مسلم الكشي ، قالا : حدثنا حجاج بن المنهال ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن ثابت الأنصاري ، عن عباد بن بشير الأنصاري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الأنصار ، أنتم الشعار والناس الدثار ، لا أوتين من قبلكم " .

                                                                          هكذا وقع في هذه الرواية .

                                                                          وهكذا ترجم له أبو القاسم الطبراني .

                                                                          عباد بن بشير الأنصاري .

                                                                          وروى له هذا الحديث الواحد كما سقناه من روايته .

                                                                          وقال بعده : عباد بن بشر الأنصاري ، لم يزد ، ولم يذكر شيئا من حديثه ، ولا من أخباره .

                                                                          وذلك وهم لا شك فيه ، فإن عباد بن بشر معروف بهذا الحديث .

                                                                          ورواه موسى بن إسماعيل ، عن حماد بن سلمة ، أتم من هذا وذكر فيه قصة .

                                                                          وقال علي ابن المديني : لا أحفظ لعباد بن بشر غير هذا الحديث .

                                                                          رواه أبو داود ، عن موسى بن إسماعيل ، عن حماد مختصرا ، كما رويناه ، فوقع لنا بدلا عاليا .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية