الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          6020 - ( ع ) معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ [ ص: 106 ] ابن عدي بن كعب بن عمرو بن أدي بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن المدني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                          قال محمد بن إسحاق : معاذ بن جبل من بني جشم بن الخزرج ، وإنما ادعته بنو سلمة ; لأنه كان أخا سهل بن محمد بن الجد بن قيس لأمه .

                                                                          وقال هشام بن الكلبي ، عن أبيه : رهط معاذ بن جبل بنو [ ص: 107 ] أدي بن سعد أخي سلمة بن سعد من الخزرج ، قال : ولم يبق من بني أدي بن سعد أحد ، وعدادهم في بني سلمة بن سعد ، وكان آخر من بقي منهم عبد الرحمن بن معاذ بن جبل مات بالشام في الطاعون فانقرضوا .

                                                                          وروي : أنه كان له ابنان ماتا معه في طاعون عمواس .

                                                                          وروي : أنه مات له ابن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه صلى الله عليه وسلم كتب إليه يعزيه عنه .

                                                                          وقال أبو عمر بن عبد البر ، قال الواقدي وغيره : كان معاذ بن جبل طوالا حسن الشعر أبيض براق الثنايا لم يولد له قط .

                                                                          قال أبو عمر ، وقد قيل : إنه ولد له ولد يسمى عبد الرحمن ، وإنه قاتل معه يوم اليرموك ، وبه كان يكنى ولم يختلفوا أنه كان يكنى أبا عبد الرحمن ، قال : وهو أحد السبعين الذين شهدوا العقبة من الأنصار وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الله بن مسعود .

                                                                          قال الواقدي : هذا ما لا اختلاف فيه عندنا .

                                                                          وقال ابن إسحاق : آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين معاذ بن جبل ، وجعفر بن أبي طالب ، أسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة ، وشهد بدرا والعقبة والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                          [ ص: 108 ] وروى عن : النبي صلى الله عليه وسلم ( ع ) .

                                                                          روى عنه : أسلم مولى عمر بن الخطاب ( ق ) ، والأسود بن هلال ( خ م ) ، والأسود بن يزيد النخعي ( خ د ) ، وأنس بن مالك ( خ م سي ) ، وجابر بن عبد الله ، وجبير بن نفير الحضرمي ، وجنادة بن أبي أمية ، والحارث بن عميرة ، وخالد بن معدان ( ت ) يقال مرسل ، وأبو وائل شقيق بن سلمة ( 4 ) ، وأبو أمامة صدي بن عجلان ، وطاوس بن كيسان ( مد ق ) مرسل ، وعاصم بن حميد السكوني ( د ) ، وعبد الله بن أبي أوفى الأسلمي ، وعبد الله بن شداد بن الهاد ( ق ) ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الرحمن بن سمرة ( س ق ) ، وعبد الرحمن بن عائذ الأزدي ( د ) ، وعبد الرحمن بن غنم الأشعري ( د ت سي ق ) ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ( 4 ) ، وعبيد الله بن مسلم الحضرمي ( ق ) ، وعروة بن النزال الكوفي ( س ) ، وعطاء بن يسار ( د ت ق ) ، وأبو عياض عمرو بن الأسود ، وأبو عثمان عمرو بن مرثد الصنعاني ، وعمرو بن ميمون الأودي ( خ م د ت س ) ، وعيسى بن طلحة بن عبيد الله ( ت ) وقيس بن أبي حازم ( ت ) وكثير بن مرة الحضرمي ( د ت ق ) ولجلاج العامري ( بخ ت ) ، ومالك بن يخامر السكسكي ( خ 4 ) ، ومسروق بن الأجدع ( 4 ) ، والمقدام بن معدي كرب ، وميمون بن أبي شبيب ( ت س ) ، ويزيد بن عميرة الزبيدي ( د ت س ) ، وأبو إدريس الخولاني ( ق ) ، وأبو الأسود الديلي ( د ) ، وأبو بحرية السكوني ( 4 ) ، وأبو ثعلبة الخشني ، وأبو رزين [ ص: 109 ] الأسدي ( سي ) ، وأبو سعيد الحميري ( د ق ) ، وأبو الطفيل الليثي ( م 4 ) ، وأبو ظبية الكلاعي ( د سي ق ) ، وأبو عبد الله الأشعري ( د ) ، وأبو عبد الله الصنابحي ( د س ) ، وأبو قتادة الأنصاري ، وأبو مسلم الخولاني ( ت ) ، وأبو موسى الأشعري ( خ د س ) .

                                                                          قال قتادة ، عن أنس بن مالك : جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار : أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد .

                                                                          قال أنس : أبو زيد أحد عمومتي .

                                                                          وقال مسروق ، عن عبد الله بن عمرو : أربعة رهط لا أزال أحبهم بعدما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : "استقرئوا القرآن من أربعة : من عبد الله بن مسعود ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل .

                                                                          وقال أبو قلابة ، عن أنس ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدهم في دين الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأقرأهم أبي بن كعب ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وإن لكل أمة أمينا ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح " .

                                                                          [ ص: 110 ] وقال محمد بن كعب القرظي ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يأتي معاذ بن جبل يوم القيامة أمام العلماء يرثوه " .

                                                                          هذا مرسل ، وقد روي من غير وجه مرفوعا ، وموقوفا ، ومتصلا ، ومنقطعا .

                                                                          وقال أبو صالح ، عن أبي هريرة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "نعم الرجل أبو بكر نعم الرجل عمر نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح نعم الرجل أسيد بن خضير نعم الرجل جعفر نعم الرجل ثابت بن قيس نعم الرجل معاذ بن جبل نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح" .

                                                                          وفي الباب ، عن جابر بن عبد الله وغيره .

                                                                          وقال الشعبي ، عن مسروق : كنا عند عبد الله بن مسعود ، فقرأ : ( إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ) ، فقال فروة بن نوفل : نسي ، فقال عبد الله : من نسي ، إنا كنا نشبهه بإبراهيم ، قال : فسئل عن الأمة ، فقال : معلم الخير ، وسئل عن القانت ، قال : المطيع لله ولرسوله .

                                                                          وفي رواية أخرى ، قال : وكذلك كان معاذ ، كان يعلم الناس الخير ، وكان مطيعا لله ولرسوله .

                                                                          ورواه عبد الملك بن عمير ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله [ ص: 111 ] نحوه ولم يسم فروة بن نوفل .

                                                                          وقال الأعمش ، عن أبي سفيان : حدثني أشياخ منا قالوا : جاء رجل إلى عمر بن الخطاب ، فقال : يا أمير المؤمنين إني غبت عن امرأتي سنتين فجئت وهي حبلى فشاور عمر الناس في رجمها ، فقال معاذ بن جبل : يا أمير المؤمنين إن كان لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل فاتركها حتى تضع فتركها فولدت غلاما قد خرجت ثنيتاه فعرف الرجل الشبه فيه ، فقال : ابني ، ورب الكعبة ، فقال عمر : عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ لولا معاذ هلك عمر .

                                                                          أخبرنا أبو الحسن ابن البخاري ، قال : أنبأنا محمد بن أبي زيد الكراني ، قال : أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي ، قال : أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه ، قال : أخبرنا أبو القاسم الطبراني ، قال : حدثنا بشر بن موسى ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، عن حيوة بن شريج ، قال : سمعت عقبة بن مسلم التجيبي يقول : حدثني أبو عبد الرحمن الحبلي ، عن الصنابحي ، عن معاذ بن جبل ، قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي يوما ، فقال : يا معاذ ، والله إني لأحبك ، فقال معاذ : بأبي أنت وأمي [ ص: 112 ] يا رسول الله ، وأنا والله أحبك ، فقال ، أوصيك يا معاذ ، لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على شكرك وذكرك وحسن عبادتك .

                                                                          قال : وأوصى بذلك معاذ الصنابحي ، وأوصى الصنابحي أبا عبد الرحمن الحبلي ، وأوصى أبو عبد الرحمن عقبة بن مسلم
                                                                          .

                                                                          أخرجه أبو داود ، والنسائي في اليوم والليلة من حديث المقرئ ، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجتين .

                                                                          ورواه النسائي في السنن من حديث ابن وهب ، عن حيوة بن شريج .

                                                                          ومناقبه وفضائله كثيرة جدا .

                                                                          قال الهيثم بن عدي وغير واحد : مات في طاعون عمواس .

                                                                          وقال أبو مسهر : قرأت في كتاب يزيد بن عبيدة : توفي معاذ بن جبل سنة سبع عشرة . قاله محمد بن عائذ ، عن أبي مسهر .

                                                                          وقال الوليد بن عتبة ، عن أبي مسهر : قرأت في كتاب ابن عبيدة بن أبي المهاجر ، وكان سعيد بن عبد العزيز يقول : إنه [ ص: 113 ] صحيح ، مات معاذ بن جبل في سنة سبع عشرة ، وفي تلك السنة فتحت بيت المقدس .

                                                                          وقال يحيى بن معين ، وعلي بن عبد الله التميمي : مات سنة سبع عشرة ، أو ثماني عشرة . زاد يحيى : وهو ابن أربع وثلاثين .

                                                                          وقال أبو الحسن المدائني : مات سنة سبع عشرة ، أو ثماني عشرة ، أو تسع عشرة .

                                                                          وقال الواقدي ، عن أيوب بن النعمان ، عن أبيه ، عن قومه : شهد معاذ بن جبل بدرا ، وهو ابن عشرين ، أو إحدى وعشرين سنة ، ومات سنة ثماني عشرة في الطاعون ، وهو ابن ثمان وثلاثين ، وكان طويلا أبيض حسن الثغر عظيم العينين مجموع الحاجبين جعدا قططا .

                                                                          قال الواقدي : ولم يولد له قط زعموا ، وكان من أجل الناس .

                                                                          وقال محمد بن إسحاق ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، وأبو عبيد ، وأبو عمر الضرير ، وعمرو بن علي وآخرون : مات سنة ثماني عشرة .

                                                                          قال بعضهم : وهو ابن ثلاث وثلاثين .

                                                                          وقال بعضهم : وهو ابن أربع وثلاثين .

                                                                          وقال بعضهم : وهو ابن ثمان وثلاثين بناحية الأردن ، وقبره [ ص: 114 ] بغوربيسان في شرقيه ، وإنما نسب الطاعون إلى عمواس ، وهي قرية بين الرملة ، وبيت المقدس لأنه أول ما بدأ الطاعون منها .

                                                                          وقال أبو زرعة الدمشقي : كان الطاعون سنة سبع عشرة وثماني عشرة ، وفي سنة سبع عشرة رجع عمر من سرغ بجيش المسلمين ليلا يقدمهم على الطاعون ثم عاد في العام المقبل .

                                                                          وقال غير واحد ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري : توفي معاذ بن جبل ، وهو ابن ثمان وعشرين سنة ، قال : والذي يرفع في سنه ، يقول : ابن إحدى أو اثنتين وثلاثين سنة .

                                                                          وقال علي بن زيد بن جدعان ، عن سعيد بن المسيب : مات معاذ بن جبل ، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، ورفع عيسى ابن مريم وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، وفي رواية : قبض وهو ابن ثلاث وثلاثين ، أو أربع وثلاثين .

                                                                          وقال المدائني ، عن أبي سفيان الغداني ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الله بن قرط : حضرت وفاة معاذ بن جبل ، فقال : روحوني ألقى الله في مثل سن عيسى ابن مريم ابن ثلاث وثلاثين ، أو أربع وثلاثين سنة .

                                                                          روى له الجماعة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية