الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          5501 - (ق) : محمد بن عمر بن واقد الواقدي الأسلمي ، أبو عبد الله المدني ، قاضي بغداد ، مولى عبد الله بن بريدة الأسلمي .

                                                                          روى عن : أسامة بن زيد بن أسلم ، وأسامة بن زيد الليثي ، [ ص: 181 ] وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، وثور بن يزيد الحمصي ، وربيعة بن عثمان التيمي ، وسعيد بن بشير ، وسعيد بن عبد العزيز ، وسفيان الثوري ، وعبد الجبار بن عمارة الأنصاري ، وعبد الحميد بن جعفر الأنصاري ، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، وعبد العزيز بن المطلب ، وعبد الملك بن جريج ، وغوث بن سليمان بن زياد بن نعيم الحضرمي ، وكثير بن زيد الأسلمي ، ومالك بن أنس ، ومحمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري ، ومحمد بن عبد الرحمن ابن أبي ذئب ، ومحمد بن عجلان ، ومعاوية بن صالح الحضرمي ، ومعمر بن راشد ، ونجيح أبي معشر المدني ، وهشام بن عمارة النوفلي ، وهشام بن الغاز الجرشي ، والوليد بن كثير ، وأبي حزرة يعقوب بن مجاهد ، وأبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، وخلق يطول ذكرهم .

                                                                          روى عنه أحمد بن الخليل البرجلاني ، وأحمد بن رجاء الفريابي ، وأحمد بن عبيد بن ناصح النحوي أبو عصيدة ، وأحمد بن الفضل الدهقان ، وأحمد بن منصور الرمادي ، والحارث بن محمد بن أبي أسامة ، وحامد بن يحيى البلخي ، والحسن بن داود بن مهران ، والحسن بن عثمان أبو حسان الزيادي ، والحسين بن مرزوق ، وذؤيب بن عمامة السهمي ، وسليمان بن داود الشاذكوني ، وعبد الله بن الحسن الهاشمي ، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ، وعبد الله بن الوليد بن هشام ، وعلي بن يزيد الصدائي ، وأبو عبيد القاسم بن سلام ، ومحمد بن إدريس الشافعي ومات قبله ، [ ص: 182 ] وأبو بكر محمد بن إسحاق الصاغاني ، وكاتبه محمد بن سعد ، ومحمد بن شجاع ابن الثلجي ، ومحمد بن يحيى بن أبي حاتم الأزدي ، ويحيى بن أبي الخصيب .

                                                                          قال أبو بكر الأثرم : سمعت أبا عبد الله يقول في حديث نبهان هذا قوله " أفعمياوان أنتما ؟ ... " قال : هذا حديث يونس لم يروه غيره . قال أبو عبد الله : وكان الواقدي رواه عن معمر وتبسم ، أي ليس من حديث معمر ، حدثناه عبد الرزاق عن ابن المبارك عن يونس .

                                                                          وقال زكريا بن يحيى الساجي : محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قاضي بغداد متهم ، حدثني أحمد بن محمد ، قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : لم نزل ندافع أمر الواقدي حتى روى عن معمر ، عن الزهري ، عن نبهان ، عن أم سلمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم " أفعمياوان أنتما ؟.. " فجاء بشيء لا حيلة فيه ، والحديث حديث يونس لم يروه غيره .

                                                                          [ ص: 183 ] وقال أبو الحسين محمد بن المظفر الحافظ : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني بمصر ، قال : حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، قال : قدم علينا علي بن المديني بغداد سنة سبع أو ثمان ومائتين ، قال : والواقدي قاض علينا ، قال الرمادي : وكنت أطوف مع علي على الشيوخ الذين يسمع منهم ، فقلت : تريد أن تسمع من الواقدي ، فكان مرويا في السماع منه ، ثم قلت له بعد ذلك . قال : أردت أن أسمع منه فكتب إلي أحمد بن حنبل ، فذكر الواقدي ، وقال : كيف تستحل أن تكتب عن رجل روى عن معمر حديث نبهان مكاتب أم سلمة ، وهذا حديث يونس تفرد به ؟ ! قال الرمادي : وذكر حديثا آخر عن معمر منقطعا مما أنكره أحمد على الواقدي .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو العز الشيباني ، قال : أخبرنا أبو اليمن الكندي ، قال : أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال : أخبرنا أبو بكر الخطيب ، قال : أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح ، قال : أخبرنا محمد بن المظفر الحافظ ، فذكره .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، قال : قدمت [ ص: 184 ] مصر بعد ذلك ، فكان ابن أبي مريم يحدثنا بحديث نافع بن يزيد . قال أحمد بن منصور : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا نافع بن يزيد ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن نبهان مولى أم سلمة ، حدثته أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وميمونة قالت : فبينا نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم ، فدخل علينا وذلك بعد أن أمر بالحجاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتجبا منه " . قلنا يا رسول الله : أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفعمياوان أنتما ، ألستما تبصرانه ؟ " . قال الرمادي : فلما فرغ ابن أبي مريم من هذا الحديث ضحكت . فقال : مم تضحك ؟ فأخبرته بما قال علي وكتب إليه أحمد يقول : هذا حديث تفرد به يونس بن يزيد ، وهذا أنت قد حدثت عن نافع بن يزيد ، عن عقيل وهو أعلى من يونس ، قال : فقال لي ابن أبي مريم : إن شيوخنا المصريين لهم عناية بحديث الزهري .

                                                                          قال أبو بكر الخطيب : وحدثني الصوري ، قال : أخبرني عبد الغني بن سعيد ، قال : حدثنا أبو طاهر القاضي ، قال : حدثني [ ص: 185 ] إبراهيم بن جابر ، قال : سمعت الرمادي ، وحدث بحديث عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : هذا مما ظلم فيه الواقدي .

                                                                          وقال أبو جعفر العقيلي : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي قال : سمعت وكيعا يقول لأبي عبد الرحمن - يعني الضرير - ، وحدث بحديث زمعة في غسل الحصا للجمار ، فقال : لو كنت عند الواقدي لحدثك فيه بكذا وكذا ، يعني كذا وكذا حديث . قال أبي : كان الواقدي بعث إلى المنبهي يستعير كتبه يقول : يدخلها في كتبه ، وكنا نرى أن عنده كتبا من كتب الزهري ، فكان يحمل ، وربما قال : يجمع يقول فلان وفلان عن الزهري حديث نبهان ، عن معمر ، والحديث لم يروه معمر ، إنما هو حديث يونس حدثناه عبد الرزاق ، عن يونس كان يحمل الحديث ليس هو من حديث معمر . قال : وسمعت أبي مرة أخرى يقول : ما أشك في الواقدي أنه كان يقلبها ، يعني الأحاديث يقول : يحمل حديث يونس على معمر .

                                                                          وقال البخاري : الواقدي مديني سكن بغداد ، متروك [ ص: 186 ] الحديث ، تركه أحمد ، وابن نمير ، وابن المبارك ، وإسماعيل بن زكريا .

                                                                          وقال في موضع آخر : كذبه أحمد .

                                                                          وقال معاوية بن صالح : قال لي أحمد بن حنبل : هو كذاب .

                                                                          وقال معاوية أيضا عن يحيى بن معين : ضعيف .

                                                                          وقال في موضع آخر : ليس بشيء .

                                                                          وقال في موضع آخر قلت ليحيى : لم لم تعلم عليه حيث كان الكتاب عندك ؟ قال : أستحيي من ابنه ، وهو لي صديق . قلت : فماذا تقول فيه ؟ قال : كان يقلب حديث يونس يغيرها عن [ ص: 187 ] معمر ليس بثقة .

                                                                          وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : ليس بشيء .

                                                                          وقال عبد الوهاب بن الفرات الهمذاني : سألت يحيى بن معين عن الواقدي ، فقال : ليس بثقة .

                                                                          وقال المغيرة بن محمد المهلبي : سمعت علي بن المديني يقول : الهيثم بن عدي أوثق عندي من الواقدي ، ولا أرضاه في الحديث ولا في الأنساب ولا في شيء .

                                                                          وقال أبو داود : أخبرني من سمع علي بن المديني يقول : روى الواقدي ثلاثين ألف حديث غريب .

                                                                          [ ص: 188 ] وقال مسلم : متروك الحديث .

                                                                          وقال النسائي : ليس بثقة .

                                                                          وقال الحاكم أبو أحمد : ذاهب الحديث .

                                                                          وقال محمد بن سعد : محمد بن عمر بن واقد الواقدي مولى لبني سهم من أسلم ، وكان قد تحول من المدينة ، فنزل بغداد ، وولي القضاء لعبد الله بن هارون أمير المؤمنين بعسكر المهدي أربع سنين ، وكان عالما بالمغازي ، والسيرة ، والفتوح ، وباختلاف الناس في الحديث ، والأحكام ، واجتماعهم على ما اجتمعوا عليه ، وقد فسر ذلك في كتب استخرجها ووضعها وحدث بها .

                                                                          وقال أبو بكر الخطيب : قدم الواقدي بغداد ، وولي قضاء الجانب الشرقي منها ، وهو ممن طبق شرق الأرض وغربها ذكره ، ولم يخف على أحد عرف أخبار الناس أمره وسارت الركبان بكتبه في فنون العلم من المغازي ، والسير ، والطبقات ، وأخبار النبي صلى الله عليه وسلم ، والأحداث التي كانت في وقته ، وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، وكتب الفقه ، واختلاف الناس في الحديث ، وغير ذلك ، وكان جوادا [ ص: 189 ] كريما مشهورا بالسخاء . ثم روى بإسناده عن محمد بن سلام الجمحي ، قال : محمد بن عمر الواقدي عالم دهره .

                                                                          وعن إبراهيم الحربي ، قال : الواقدي أمين الناس على أهل الإسلام .

                                                                          وعن إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : سمعت المأمون يقول : ما قدمت بغداد إلا لأكتب كتب الواقدي .

                                                                          وعن إبراهيم الحربي ، قال : كان الواقدي أعلم الناس بأمر الإسلام ، فأما الجاهلية فلم يعلم منها شيئا .

                                                                          وعن موسى بن هارون ، قال : سمعت مصعبا الزبيري يذكر الواقدي ، فقال : والله ما رأيت مثله قط . قال : وسمعت مصعبا يقول : حدثني من سمع عبد الله يعني ابن المبارك يقول : كنت أقدم المدينة فما يفيدني ولا يدلني على الشيوخ إلا الواقدي .

                                                                          وعن يعقوب مولى أبي عبيد الله ، قال : سمعت [ ص: 190 ] الدراوردي ، وذكر الواقدي ، فقال ذاك أمير المؤمنين في الحديث .

                                                                          وعن يعقوب بن شيبة ، قال : حدثني بعض أصحابنا ثقة ، قال : سمعت أبا عامر العقدي يسأل عن الواقدي ، فقال : نحن نسأل عن الواقدي إنما يسأل الواقدي عنا ، ما كان يفيدنا الشيوخ والأحاديث إلا الواقدي .

                                                                          وقال يعقوب : حدثني مفضل ، قال : قال الواقدي : لقد كانت ألواحي تضيع بالمدينة فأوتى بها من شهرتها بالمدينة ، يقال : هذه ألواح ابن واقد .

                                                                          وعن أحمد بن علي الأبار ، قال : سألت مجاهدا يعني ابن موسى عن الواقدي ، فقال : ما كتبت عن أحد أحفظ منه لقد جاءه رجل من بعض هؤلاء الكتاب ، فسأله عن الرجل لا يستطيع أن يصلي قائما ، فقال : اجلس فجعل يملي عليه ، فقال لي أبو الأحوص الذي كان في البغويين : تعال واسمع ، فجعل يقول : حدثنا فلان عن فلان يصلي قاعدا ، يصلي على جنبه ، يصلي بحاجبيه . فقال لي : سمعت من هذا شيئا ؟ قلت : لا . قال : وبلغني عن الشاذكوني أنه قال : إما أن يكون أصدق الناس ، وإما أن يكون أكذب الناس ، وذلك أنه كتب عنه ، فلما أراد أن يخرج [ ص: 191 ] جاء بالكتاب ، فسأله ، فإذا هو لا يغير حرفا ، وكان يعرف رأي سفيان ، ومالك ، ما رأيت مثله .

                                                                          وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : حدثني أبي ، قال : حدثنا معاوية بن صالح بن أبي عبيد الله الأشعري الدمشقي ، قال : سمعت سنيد بن داود يقول : كنا عند هشيم فدخل الواقدي فسأله هشيم عن باب ما يحفظ فيه ، فقال له الواقدي : ما عندك يا أبا معاوية ؟ فذكر خمسة أحاديث أو ستة في الباب . ثم قال للواقدي : ما عندك ؟ فحدثه بثلاثين حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ، ثم قال : سألت مالكا ، وسألت ابن أبي ذئب ، وسألت ، وسألت ، فرأيت وجه هشيم يتغير . وقام الواقدي فخرج ، فقال هشيم : لئن كان كذابا فما في الدنيا مثله ، وإن كان صادقا فما في الدنيا مثله .

                                                                          وقال إبراهيم بن جابر الفقيه : سمعت الصاغاني ، وذكر الواقدي ، فقال : والله لولا أنه عندي ثقة ما حدثت عنه . حدث عنه أربعة أئمة : أبو بكر بن أبي شيبة ، وأبو عبيد ، وأحسبه ذكر أبا خيثمة ورجلا آخر .

                                                                          وقال إبراهيم الحربي : سمعت مصعبا الزبيري ، وسئل عن الواقدي ، فقال : ثقة مأمون

                                                                          ، وسئل المسيبي عنه ، فقال : ثقة [ ص: 192 ] مأمون ،

                                                                          وسئل معن بن عيسى عنه ، فقال : ءأسأل أنا عن الواقدي ، يسأل الواقدي عني .

                                                                          وسئل عنه أبو يحيى الأزهري ، فقال : ثقة مأمون .

                                                                          وقال أيضا : سألت ابن نمير عن الواقدي ، فقال : أما حديثه هنا فمستوي ، وأما حديث أهل المدينة فهم أعلم به . وقال في موضع آخر : سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول : الواقدي ثقة . قال إبراهيم : وإما فقه أبي عبيد فمن كتب محمد بن عمر الواقدي الاختلاف والإجماع كان عنده .

                                                                          قال محمد بن سعد : أخبرني أنه ولد في أول سنة ثلاثين ومائة .

                                                                          وقال في موضع آخر : محمد بن عمر بن واقد الأسلمي مولى عبد الله بن بريدة الأسلمي ، كان من أهل المدينة ، فقدم بغداد في سنة ثمانين ومائة في دين لحقه ، فلم يزل بها ، وخرج إلى الشام والرقة ، ثم رجع إلى بغداد ، فلم يزل بها إلى أن قدم المأمون من خراسان ، فولاه القضاء بعسكر المهدي ، فلم يزل قاضيا حتى مات ببغداد ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة خلت من [ ص: 193 ] ذي الحجة سنة سبع ومائتين ، ودفن يوم الثلاثاء في مقابر الخيزران ، وهو ابن ثمان وسبعين سنة ، وذكر أنه ولد سنة ثلاثين ومائة في آخر خلافة مروان بن محمد .

                                                                          وكذلك ذكر غير واحد أنه مات في ذي الحجة سنة سبع ومائتين .

                                                                          [ ص: 194 ] روى ابن ماجه حديثا عن أبي بكر بن أبي شيبة عن شيخ له عن عبد الحميد بن جعفر ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم " ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته " .

                                                                          ورواه عبد بن حميد عن أبي بكر بن أبي شيبة عن [ ص: 195 ] الواقدي ، عن عبد الحميد بن جعفر .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية