الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          2450 - (ع ) : سلمة بن دينار ، أبو حازم الأعرج الأفزر التمار المدني القاص الزاهد الحكيم ، مولى الأسود بن سفيان المخزومي . ويقال : مولى لبني شجع من بني ليث ، وهو شجع بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة . وقال بعضهم : أشجع . وهو وهم ليس في بني ليث أشجع ، إنما فيهم شجع ، قال ذلك أبو علي الغساني الحافظ .

                                                                          روى عن : إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة [ ص: 273 ] المخزومي ( خ ) ، وبعجة بن عبد الله بن بدر الجهني ( م س ق ) ، وذكوان أبي صالح السمان ( م س ) ، وسعيد بن أبي سعيد المقبري ، وسعيد بن المسيب ، وسهل بن سعد الساعدي ( ع ) - وهو راويته - وطلحة بن عبيد الله بن كريز ، وعامر بن عبد الله بن الزبير ( ق ) ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب ( د ق ) - ولم يسمع منه - وعبد الله بن عمرو بن العاص ( ق ) كذلك ، وعبد الله بن أبي قتادة ( خ م س ) ، وعبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ( س ) ، وعبيد الله بن مقسم ( م س ق ) ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطاء بن يسار ، وعمارة بن عمرو بن حزم ( د ق ) ، وعمرو بن شعيب ، وعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، ولقس بن سلمان مولى كعب بن عجرة ، ومحمد بن المنكدر ( م س ) ، ومسلم بن قرط ( د س ) ، والنعمان بن أبي عياش الزرقي ( خ م ) ويزيد بن رومان ( خ م ) ، وأبي إدريس الخولاني ، وأبي أمامة بن سهل بن حنيف ( س ) ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ( م س ) ، وأبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب ( بخ ) ، وأم الدرداء الصغرى ( م د ) .

                                                                          روى عنه : أسامة بن زيد الليثي ( م ) ، وأبو ضمرة أنس بن عياض الليثي ، وأبو سليمان بكر بن سليم الصواف المدني ، وثوابة بن رافع ، والجراح بن عيسى الأسدي ، وحماد بن أبي حميد المدني ، وحماد بن زيد ( خ م د س ) ، وحماد بن سلمة ، وأبو صخر حميد بن زياد الخراط ( م ) ، وخارجة بن مصعب الخراساني ، وداود بن المغيرة ، ورزيق بن سعيد المدني ( د ) ، وزكريا بن منظور القرظي ( ق ) ، وزهير بن محمد العنبري ( ق ) ، وزيد بن أبي أنيسة ( س ) ، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي ( س ) ، وسعيد بن أبي هلال ( م ) ، وسفيان الثوري ( ع ) ، [ ص: 274 ] وسفيان بن عيينة ( خ م ت س ق ) ، وسليمان بن بلال ( خ م ) ، وصالح بن موسى الطلحي ، وعبد الله بن جعفر المديني ، وعبد الله بن عامر الأسلمي ، وابنه عبد الجبار بن أبي حازم ، وعبد الحميد بن سليمان المدني ( ت ق ) ، وعبد الرحمن بن إسحاق المدني ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ( خ ت ) ، وعبد الرحمن بن عبد الله المسعودي ، وعبد السلام بن حفص المدني ( د ) ، وابنه عبد العزيز بن أبي حازم المدني ( ع ) ، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي ( م ) ، وعبيد الله بن عمر ( م س ) ، وعطاف بن خالد المخزومي ( ت ) ، وعمارة بن غزية ( ت ق ) ، وعمر بن صهبان ، وعمر بن علي بن مقدم المقدمي ( خ ت ) ، وعمران بن سعد العطار ، وفضيل بن سليمان النميري ( خ م ت س ) ، وفليح بن سليمان ( خ ) ، ومالك بن أنس ( ع ) ، ومبشر بن مكسر المدني ، ومحمد بن إسحاق بن يسار ، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير ( خ م ) ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب ، ومحمد بن عجلان ، ومحمد بن عيينة أخو سفيان بن عيينة ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري - وهو أكبر منه - وأبو غسان محمد بن مطرف ( خ م د س ) ، ومصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ، ومعمر بن راشد ، وموسى بن عبيدة الربذي ، وموسى بن يعقوب الزمعي ( بخ د ق ) ، وأبو معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني المعروف بالسندي ، وهشام بن سعد ( م د ت ق ) ، ووهيب بن خالد ( خ م ) ، ويحيى بن قيس الكندي ، ويزيد بن عبد الله بن الهاد ( م ) ، ويعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني ( خ م د س ) ، ويعقوب بن الوليد المدني ( ق ) .

                                                                          [ ص: 275 ] قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه ، وأبو بكر بن أبي خيثمة ، ومعاوية بن صالح ، عن يحيى بن معين : ثقة .

                                                                          وكذلك قال أبو حاتم ، والنسائي ، وأحمد بن عبد الله العجلي ، وزاد : رجل صالح ، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة ، وزاد : لم يكن في زمانه مثله .

                                                                          وقال يحيى بن صالح الوحاظي : قلت لابن أبي حازم : أبوك سمع من أبي هريرة ؟ قال : من حدثك أن أبي سمع من أحد من الصحابة غير سهل بن سعد فقد كذب .

                                                                          وقال سفيان بن عيينة ، عن أبي حازم : إني لأعظ ، وما أرى موضعا ، وما أريد إلا نفسي .

                                                                          وقال سفيان عنه أيضا : اشتدت مؤونة الدين والدنيا . قيل : وكيف ذاك يا أبا حازم ؟ قال : أما الدين فلا تجد عليه أعوانا ، وأما الدنيا فلا تمد يدك إلى شيء منها إلا وجدت فاجرا قد سبقك إليه .

                                                                          [ ص: 276 ] وقال عنه أيضا : ليس للملوك صديق ، ولا للحسود راحة ، والنظر في العواقب تلقيح للعقول .

                                                                          قال سفيان : فذاكرت الزهري هذه الكلمات ، فقال : كان أبو حازم جاري ، وما ظننت أنه يحسن مثل هذه الكلمات .

                                                                          وقال عبيد الله بن عمر ، عن أبي حازم : لا تكون عالما حتى يكون فيك ثلاث خصال : لا تبغي على من فوقك ، ولا تحقر من دونك ، ولا تأخذ على علمك دنيا .

                                                                          وقال يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم : ما أحببت أن يكون معك في الآخرة ؛ فقدمه اليوم ، وما كرهت أن يكون معك في الآخرة ؛ فاتركه اليوم .

                                                                          وقال : انظر كل عمل كرهت الموت من أجله فاتركه ثم لا يضرك متى مت .

                                                                          وقال : يسير الدنيا يشغل عن كثير الآخرة .

                                                                          وقال : انظر الذي يصلحك فاعمل به ، وإن كان ذلك فسادا للناس ، وانظر الذي يفسدك فدعه ، وإن كان ذلك صلاحا للناس .

                                                                          وقال : شيئان إذا عملت بهما أصبت خير الدنيا والآخرة لا أطول عليك . قيل : ما هما يا أبا حازم ؟ قال : تحمل ما تكره إذا أحبه الله وتترك ما تحب إذا كرهه الله .

                                                                          وقال سعيد بن عامر ، عن بعض أصحابه ، عن أبي حازم : نعمة الله علي فيما زوى عني من الدنيا أعظم من نعمته علي فيما أعطاني منها لأني رأيته أعطاها قوما فهلكوا .

                                                                          [ ص: 277 ] وقال محمد بن كثير الصنعاني ، عن بعض أهل الحجاز ، عن أبي حازم : كل نعمة لا تقرب من الله فهي بلية .

                                                                          وقال محمد بن إسماعيل الصنعاني ، عن سفيان بن عيينة : قال أبو حازم لجلسائه وحلف لهم : لقد رضيت منكم أن يبقي أحدكم على دينه كما يبقي على نعله .

                                                                          وقال أبو الوليد الطيالسي ، عن سفيان بن عيينة : سمعت أبا حازم يقول : لا تعادين رجلا ولا تناصبنه حتى تنظر إلى سريرته بينه وبين الله ، فإن لم تكن له سريرة حسنة ، فإن الله لم يكن ليخذله بعداوتك له ، وإن كانت له سريرة رديئة فقد كفاك مساوئه ، ولو أردت أن تعمل به أكثر من معاصي الله ، لم تقدر .

                                                                          وقال يحيى بن محمد المدني ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : قلت لأبي حازم يوما : إني لأجد شيئا يحزنني . قال : وما هو يا ابن أخي ؟ قلت : حبي الدنيا . قال لي : اعلم يا ابن أخي أن هذا لشيء ما أعاتب نفسي على بغض شيء حببه الله إلي ؛ لأن الله تعالى قد حبب هذه الدنيا إلينا ، ولكن لتكن معاتبتنا أنفسنا في غير هذا : أن لا يدعونا حبها إلى أن نأخذ شيئا من شيء يكرهه الله ، ولا نمنع شيئا من شيء أحبه الله ، فإذا نحن فعلنا ذلك لم يضرنا حبنا إياها .

                                                                          وقال ضمرة بن ربيعة ، عن ثوابة بن رافع : قال أبو حازم : وما إبليس ؟ لقد عصي فما ضر ولقد أطيع فما نفع . وما الدنيا ؟ ما مضى منها ، فحلم ، وما بقي منها ، فأماني .

                                                                          وقال يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم : السيئ الخلق أشقى [ ص: 278 ] الناس به نفسه التي بين جنبيه هي منه في بلاء ثم زوجته ثم ولده حتى إنه ليدخل بيته ، وإنهم لفي سرور ، فيسمعون صوته فيتفرقون عنه فرقا منه ، وحتى إن دابته تحيد مما يرميها بالحجارة ، وإن كلبه ليراه فينزو على الجدار ، وحتى إن قطه ليفر منه .

                                                                          وقال أبو نباتة المدني ، عن محمد بن مطرف : دخلنا على أبي حازم الأعرج لما حضره الموت ، فقلنا : يا أبا حازم كيف تجدك ؟ قال : أجدني بخير ، أجدني راجيا لله حسن الظن به . ثم قال : إنه والله ما يستوي من غدا أو راح يعمر عقد الآخرة لنفسه فيقدمها أمامه قبل أن ينزل به الموت حتى يقدم عليها ، فيقوم لها وتقوم له ، ومن غدا أو راح في عقد الدنيا يعمرها لغيره ويرجع إلى الآخرة لا حظ له فيها ولا نصيب .

                                                                          قال مصعب بن عبد الله الزبيري : أبو حازم أصله فارسي ، وأمه رومية ، وهو مولى لبني ليث ، وكان أشقر أفزر أحول .

                                                                          وقال محمد بن سعد في الطبقة الرابعة : كان يقص بعد الفجر وبعد العصر في مسجد المدينة ، ومات في خلافة أبي جعفر بعد سنة أربعين ومائة ، وكان ثقة ، كثير الحديث .

                                                                          وقال يعقوب بن سفيان : مات فيما بين الثلاثين إلى الأربعين .

                                                                          وقال عمرو بن علي ، وأبو عيسى الترمذي : مات سنة ثلاث وثلاثين .

                                                                          [ ص: 279 ] وقال خليفة بن خياط : مات سنة خمس وثلاثين .

                                                                          وقال الهيثم بن عدي : مات في خلافة أبي العباس .

                                                                          وقال في رواية أخرى : مات سنة أربعين ومائة .

                                                                          وقال يحيى بن معين : مات سنة أربع وأربعين ومائة .

                                                                          روى له الجماعة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية