الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          6107 - ( د ) معمر بن المثنى أبو عبيدة التيمي البصري [ ص: 317 ] النحوي العلامة مولى بني تيم بن مرة ، يقال : إنه مولى لبني عبيد الله بن معمر التيمي .

                                                                          روى عن : هشام بن عروة ، وأبي عمرو بن العلاء ، وأبي الوليد بن داب ، وغيرهم .

                                                                          روى عنه : إسحاق بن إبراهيم الموصلي ، وأبو عثمان بكر بن محمد المازني ، وذماد أبو غسان ، وأبو حاتم سهل بن محمد السجستاني ، وعبد الله بن محمد التوزي ، وعلي بن محمد النوفلي ، وأبو الحسن علي بن المهلب الأثرم ، وعمر بن شبة النميري ، وعمرو بن محمد بن جعفر ، وأبو عبيد القاسم بن سلام في آخرين .

                                                                          قال أبو سعيد السيرافي ، عن أبي بكر بن مجاهد : حدثنا الكديمي ، أو أبو العيناء - شك أبو سعيد - قال : قال رجل لأبي عبيدة : يا أبا عبيدة قد ذكرت الناس ، وطعنت في أنسابهم ، فبالله إلا ما عرفتني ما كان أبوك ؟ وما أصله ؟ قال : حدثني أبي أن أباه كان يهوديا بباجروان ، قال أبو سعيد : وكان أبو عبيدة من أعلم الناس [ ص: 318 ] بأنساب العرب ، وأيامهم ، وله كتب كثيرة في أيام العرب وحروبها ، مثل كتاب مقاتل الفرسان ، وكتب في الأيام معروفة .

                                                                          قال : وكان أبو عبيدة ، والأصمعي يتقارضان كثيرا ، ويقع كل واحد منهما في صاحبه .

                                                                          وقال أبو العباس المبرد : كان أبو عبيدة عالما بالشعر ، والغريب ، والأخبار ، والنسب ، وكان الأصمعي يشركه في الغريب ، والشعر ، والمعاني ، وكان الأصمعي أعلم بالنحو منه .

                                                                          وقال الجاحظ : لم يكن في الأرض خارجي ولا جماعي أعلم بجميع العلوم منه .

                                                                          وقال يعقوب بن شيبة : سمعت علي بن عبد الله المديني ، وذكر أبا عبيدة معمر بن المثنى فأحسن ذكره وصحح روايته ، وقال : كان لا يحكي عن العرب إلا الشيء الصحيح .

                                                                          وقال المبرد : كان أبو زيد أعلم من الأصمعي وأبي عبيدة بالنحو ، وكانا بعده يتقاربان ، وكان أبو عبيدة أكمل القوم .

                                                                          وقال ثعلب : زعم الباهلي صاحب المعاني أن طلبة العلم كانوا إذا أتوا مجلس الأصمعي اشتروا البعر في سوق الدر ، وإذا أتوا أبا عبيدة اشتروا الدر في سوق البعر ، والمعنى : أن الأصمعي كان حسن الإنشاد والزخرفة لرديء الأخبار والأشعار ، [ ص: 319 ] حتى يحسن عنده القبيح ، وأن الفائدة عنده مع ذاك قليلة ، وأن أبا عبيدة كان معه سوء عبارة ، وفوائده كثيرة ، والعلم عنده جم .

                                                                          ومن غرائب حديثه ما أخبرنا به يوسف بن يعقوب الشيباني ، قال : أخبرنا زيد بن الحسن الكندي ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز ، قال : أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب ، قال : أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد العبدوي بنيسابور ، قال : حدثنا علي بن أحمد بن عبد العزيز الجرجاني ، قال : حدثنا داود بن سليمان بن خزيمة البخاري ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : حدثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي ، قال : حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كنت قاعدة أغزل ، والنبي صلى الله عليه وسلم يخصف نعله ، فجعل جبينه يعرق ، وجعل عرقه يتولد نورا ، فبهت ، فنظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما لك يا عائشة بهت ؟ قلت : جعل جبينك يعرق ، وجعل عرقك يتولد نورا ، ولو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بشعره ، قال : وما يقول أبو كبير ؟ قالت : قلت : يقول :


                                                                          ومبرأ من كل غبر حيضة وفساد مرضعة وداء مغيل     فإذا نظرت إلى أسرة وجهه
                                                                          برقت كبرق العارض المتهلل

                                                                          [ ص: 320 ] قالت : فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقبل بين عيني . وقال : جزاك الله يا عائشة عني خيرا ، ما سررت مني كسروري منك
                                                                          .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو بكر الخطيب ، قال : أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي ، قال : حدثنا إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان النسوي ، قال : حدثنا أبو ذر محمد بن محمد بن يوسف القاضي إملاء ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا عمرو بن محمد بن جعفر ، قال : حدثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى ، قال : حدثني هشام بن عروة ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثتني عائشة بنحوه .

                                                                          قال أبو ذر : سألني أبو علي صالح بن محمد البغدادي ، عن حديث أبي عبيدة معمر بن المثنى أن أحدثه به فحدثته به ، فقال : لو سمعت بهذا عن غير أبيك عن محمد لأنكرته أشد الإنكار ; لأني لم أعلم قط أن أبا عبيدة حدث عن هشام بن عروة شيئا ، ولكنه حسن عندي حين صار مخرجه عن محمد بن إسماعيل .

                                                                          قال الخطيب : يقال : إنه ولد في الليلة التي مات فيها الحسن البصري .

                                                                          وقال أبو موسى محمد بن المثنى : مات سنة ثمان ومائتين .

                                                                          وقال المظفر بن يحيى : مات سنة تسع ومائتين ، وهو ابن [ ص: 321 ] ثلاث وتسعين سنة .

                                                                          وقال ابن عفير : مات سنة إحدى عشرة ومائتين .

                                                                          وقال الصولي : مات سنة تسع . وقيل : سنة عشر . وقيل : سنة إحدى عشرة ومائتين .

                                                                          ذكره أبو داود في أول كتاب الزكاة عقيب حديث أبي بكر : " لو منعوني عقالا" .

                                                                          قال أبو عبيدة : العقال صدقة سنة ، والعقالان صدقة سنتين .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية