الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1607 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني ، قال : حدثنا عبد الله بن داهر الرازي ، قال : حدثني عمرو بن جميع العبدي ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين وكان له من رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة وجاه ، فقال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فقال : " يا عمران بن الحصين إن لك عندنا منزلة وجاها ، فهل لك في عيادة فاطمة ؟ فقلت : نعم يا رسول الله بأبي أنت وأمي وأي شرف أشرف من هذا ؟ ! فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمت معه حتى وقف بباب فاطمة رضي الله عنها فقال : "السلام عليك يا بنية أأدخل ؟" ، فقالت : ادخل يا رسول الله بأبي أنت وأمي قال : "أنا ومن معي ؟" قالت : ومن معك يا رسول الله ؟ قال : "معي عمران بن الحصين الخزاعي" ، قالت : والذي بعثك بالحق يا أبة ما علي إلا عباءة لي ، فقال : "يا بنية اصنعي بها هكذا وهكذا" - وأشار بيده - فقالت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، هذا جسدي قد واريته ، فكيف لي برأسي ؟ فألقى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ملاءة له خلقة ، فقال : أي بنية شدي بهذه على رأسك ، ثم أذنت له فدخل ودخلت معه ، فقال : "كيف أصبحت أي بنية ؟" ، فقالت : أصبحت والله وجعة يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، وزادني وجعا على ما بي من وجع أني لست أقدر على طعام آكله ، فقد أهلكني الجوع . فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بكيت معه ، ثم قال : "أبشري يا بنية [ ص: 2118 ] وقري عينا ولا تجزعي ، فوالذي بعثني بالنبوة حقا إن ذقت طعاما منذ ثلاث ، وإني لأكرم على الله عز وجل منك ، ولو شئت أن أظل يطعمني ربي ويسقيني لفعلت ولكن آثرت الآخرة على الدنيا ، أي بنية ؛ لا تجزعي فوالذي بعثني بالنبوة حقا إنك لسيدة نساء العالمين" فوضعت يدها على رأسها ثم قالت : يا ليتها ماتت ، فأين آسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد ؟ ! . قال : "آسية سيدة نساء عالمها ، ومريم سيدة نساء عالمها ، وخديجة سيدة نساء عالمها ، وأنت سيدة نساء عالمك ، إنكن في بيوت من قصب ، لا أذى فيه ولا نصب" . فقالت : يا رسول الله ، ما بيوت من قصب ؟ ! قال : "در مجوف من قصب ، لا أذى فيه ولا صخب" ، قال : ثم ضرب بيده على منكبها فقال : "أي بنية ؛ اقنعي بابن عمك ، فوالذي بعثني بالنبوة حقا لقد زوجتك سيدا في الدنيا وسيدا في الآخرة" .

التالي السابق


الخدمات العلمية