الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
235 - باب ذكر دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم

قال محمد بن الحسين رحمه الله :

لم يختلف جميع من شمله الإسلام ، وأذاقه الله الكريم طعم الإيمان أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما دفنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها .

وليس هذا مما يحتاج فيه إلى الأخبار والأسانيد المروية : فلان عن فلان ، بل هذا من الأمر العام المشهور الذي لا ينكره عالم ولا جاهل بالعلم ، بل يستغني بشهرة دفنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم عن نقل الأخبار ، والدليل على صحة هذا القول أنه ما أحد من أهل العلم قديما ولا حديثا ممن رسم لنفسه كتابا نسبه إليه من فقهاء المسلمين ، فرسم كتاب المناسك ، إلا وهو يأمر كل من قدم المدينة ممن يريد حجا أو عمرة أو لا يريد حجا ولا عمرة ، وأراد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والمقام بالمدينة لفضلها إلا وكل العلماء قد أمروه ورسموه في كتبهم وعلموه كيف يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وكيف يسلم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، علماء الحجاز قديما وحديثا ، وعلماء أهل العراق قديما وحديثا ، وعلماء أهل الشام قديما وحديثا ، وعلماء أهل مصر قديما وحديثا ، وعلماء خراسان قديما وحديثا ، وعلماء أهل اليمن قديما وحديثا ، فلله الحمد على ذلك .

فصار دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمر [ ص: 2369 ] المشهور الذي لا خلاف فيه بين علماء المسلمين ، وكذلك هو مشهور عند جميع عوام المسلمين ممن ليس من أهل العلم ، أخذوه نقلا وتصديقا ومعرفة لا يتناكرونه بينهم في كل بلد من بلدان المسلمين .

ولا يمكن قائل يقول : إن خليفة من خلفاء المسلمين قديما ولا حديثا أنكر دفن أبي بكر وعمر مع النبي صلى الله عليه وسلم منذ خلافة عثمان بن عفان وخلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وخلافة بني أمية ، لا يتناكر ذلك الخاصة والعامة ، وكذلك خلافة ولد العباس رضي الله عنه لا يتناكرونه إلى وقتنا هذا ، وإلى أن تقوم الساعة ، ويدفن معهم عيسى ابن مريم عليه السلام ، كذا روي عن عبد الله بن سلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية