الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        209 - الحديث الثاني : عن عائشة رضي الله عنها { أنها كانت ترجل النبي صلى الله عليه وسلم وهي حائض ، وهو معتكف في المسجد . وهي في حجرتها : يناولها رأسه . } وفي رواية { وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان } . وفي رواية أن عائشة رضي الله عنها قالت " إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه . فما أسأل عنه إلا وأنا مارة " .

                                        التالي السابق


                                        " الترجيل " تسريح الشعر .

                                        فيه دليل على طهارة بدن الحائض ، وفيه دليل على أن خروج رأس المعتكف من المسجد لا يبطل اعتكافه ، وأخذ منه بعض الفقهاء : أن خروج بعض البدن من المكان الذي حلف الإنسان على أن لا يخرج منه لا يوجب حنثه ، وكذلك دخول بعض بدنه ، إذا حلف أن لا يدخله ، من حيث إن امتناع الخروج من المسجد يوازن تعلق الحنث بالخروج ; لأن الحكم في كل واحد منهما معلق بعدم الخروج فخروج بعض البدن : إن اقتضى مخالفة ما علق عليه الحكم في أحد الموضعين ; اقتضى مخالفته في الآخر ، وحيث لم يقتض في أحدهما ، لم يقتض في الآخر ، لاتحاد المأخذ فيهما ، وكذلك تنقل هذه المادة في الدخول أيضا ، بأن تقول : لو كان دخول البعض مقتضيا للحكم المعلق بدخول الكل : لكان خروج البعض مقتضيا للحكم المعلق بخروج الجملة ، لكنه لا يقتضيه ثم ، فلا يقتضيه هنا .

                                        وبيان الملازمة : أن الحكم في الموضعين معلق بالجملة ، فإما أن يكون البعض موجبا لترتيب الحكم على الكل أو لا - إلى آخره . [ ص: 427 ]

                                        وقولها " وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان " كناية عما يضطر إليه من الحدث . ولا شك في أن الخروج له غير مبطل للاعتكاف ; لأن الضرورة داعية إليه ، والمسجد مانع منه . وكل ما ذكره الفقهاء - أنه لا يخرج إليه ، أو اختلفوا في جواز الخروج إليه - فهذا الحديث يدل على عدم الخروج إليه لعمومه . فإذا ضم إلى ذلك قرينة الحاجة إلى الخروج لكثير منه ، أو قيام الداعي الشرعي في بعضه ، كعيادة المريض ، وصلاة الجنازة ، وشبهه . قويت الدلالة على المنع . وفي الرواية الأخرى عن عائشة : جواز عيادة المريض على وجه المرور ، من غير تعريج . وفي لفظها إشعار بعدم عيادته على غير هذا الوجه .




                                        الخدمات العلمية