الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرابعة : قوله تعالى : وزوجك لغة القرآن " زوج " بغير هاء ، وقد جاء في صحيح مسلم : " زوجة " حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مع إحدى نسائه فمر به رجل فدعاه فجاء فقال : يا فلان هذه زوجتي فلانة : فقال يا رسول الله ، من كنت أظن به فلم أكن أظن بك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم . وزوج آدم عليه السلام هي حواء عليها السلام ، وهو أول من سماها بذلك حين خلقت من ضلعه من غير أن يحس آدم عليه السلام بذلك ، ولو ألم بذلك لم يعطف رجل على امرأته ، فلما انتبه قيل له : من هذه ؟ قال : امرأة قيل : وما اسمها ؟ قال : حواء ، قيل : ولم سميت امرأة ؟ قال : لأنها من المرء أخذت ، قيل : ولم سميت حواء ؟ قال : لأنها خلقت من حي . روي أن الملائكة سألته عن ذلك لتجرب علمه ، وأنهم قالوا له : أتحبها يا آدم ؟ قال : نعم ، قالوا لحواء : أتحبينه يا حواء ؟ قالت : لا ، وفي قلبها أضعاف ما في قلبه من حبه . قالوا : فلو صدقت امرأة في حبها لزوجها لصدقت حواء . وقال ابن مسعود وابن عباس : لما أسكن آدم الجنة مشى فيها مستوحشا ، فلما نام خلقت حواء من ضلعه القصرى من شقه الأيسر ليسكن إليها ويأنس بها ، فلما انتبه رآها فقال : من أنت ؟ قالت : امرأة خلقت من ضلعك لتسكن إلي ، وهو معنى قوله تعالى : هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها . قال العلماء : ولهذا كانت المرأة [ ص: 286 ] عوجاء ، لأنها خلقت من أعوج وهو الضلع . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن المرأة خلقت من ضلع - في رواية : وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه - لن تستقيم لك على طريقة واحدة فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها . وقال الشاعر :


هي الضلع العوجاء ليست تقيمها ألا إن تقويم الضلوع انكسارها     أتجمع ضعفا واقتدارا على الفتى
أليس عجيبا ضعفها واقتدارها

ومن هذا الباب استدل العلماء على ميراث الخنثى المشكل إذا تساوت فيه علامات النساء والرجال في اللحية والثدي والمبال بنقص الأعضاء . فإن نقصت أضلاعه عن أضلاع المرأة أعطي نصيب رجل - روي ذلك عن علي رضي الله عنه - لخلق حواء من أحد أضلاعه ، وسيأتي في المواريث بيان هذا إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية