الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
260 - باب ذكر هجرة أهل البدع والأهواء

قال محمد بن الحسين رحمه الله :

ينبغي لكل من تمسك بما رسمناه في كتابنا هذا وهو كتاب الشريعة - أن يهجر جميع أهل الأهواء من مثل الخوارج ، والقدرية ، والمرجئة ، والجهمية ، وكل من ينسب إلى المعتزلة ، وجميع الروافض ، وجميع النواصب ، وكل من نسبه أئمة المسلمين أنه مبتدع بدعة ضلالة ، وصح عنه ذلك ، فلا ينبغي أن يكلم ولا يسلم عليه ، ولا يجالس ولا يصلى خلفه ، ولا يزوج ولا يتزوج إليه من عرفه ، ولا يشاركه ولا يعامله ولا يناظره ولا يجادله ، بل يذله بالهوان له ، وإذا لقيته في طريق أخذت في غيرها إن أمكنك .

فإن قال قائل : فلم لا أناظره وأجادله وأرد عليه قوله ؟

قيل له : لا يؤمن عليك أن تناظره وتسمع منه كلاما يفسد عليك قلبك ، ويخدعك بباطله الذي زين له الشيطان فتهلك أنت .

إلا أن يضطرك الأمر إلى مناظرته وإثبات الحجة عليه بحضرة سلطان أو ما أشبهه لإثبات الحجة عليه ، فأما لغير ذلك فلا .

وهذا الذي ذكرته لك مقول من تقدم من أئمة المسلمين ، وموافق لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 2541 ] فأما الحجة في هجرتهم بالسنة ، فقصة هجرة الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج معه في غزاته بغير عذر : كعب بن مالك ، وهلال بن أمية ، ومرارة بن الربيع [ رضي الله عنهم ] فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرتهم ، وأن لا يكلموا ، وطردهم حتى نزلت توبتهم من الله عز وجل .

وهكذا قصة حاطب بن أبي بلتعة لما كتب إلى قريش يحذرهم خروج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ؛ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرته وطرده . فلما أنزل الله توبته ، فعاتبه الله تعالى على فعله فتاب عليه .

وقول النبي صلى الله عليه وسلم : "أفضل العمل الحب في الله والبغض في الله" .

وضرب عمر بن الخطاب رضي الله عنه لصبيغ ، وبعث إلى أهل البصرة ألا يجالسوه ؛ قال : فلو جاء إلى حلقة ما هي قاموا وتركوه .

[ ص: 2542 ] وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام" .

وسنذكر عن التابعين وأئمة المسلمين معنى ما قلناه إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية