الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ثم يقول : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد . وإن شاء قال : كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، وكما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ثم يقول ) في التشهد الذي يعقبه السلام ( اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ) هذا هو المشهور في المذهب ، واقتصر عليه أكثر أصحابنا لما روى كعب بن عجرة قال : خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا : قد عرفنا كيف نسلم عليك ، فكيف نصلي عليك ؛ قال : قولوا : اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد ، وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد متفق عليه . قال جدي في " الانتصار " إلا أن البخاري قال : وآل محمد بإسقاط على ، وليس كذلك ، فإنه رواه في كتاب بدء الخلق : وعلى آل محمد بإثباتها ( وإن شاء قال كما صليت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ، وكما باركت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ) لما روى أحمد ، والنسائي ، والترمذي ، وصححه من حديث كعب ، وقال فيه : اللهم صل على محمد وآل محمد ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وآل محمد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد .

                                                                                                                          قلت : ورواه البخاري من حديثه أيضا ، وظاهره أنه مخير بينهما ، وهو رواية لورود الرواية بهما ، وعنه : يقتصر على الأخير فقط ، اختاره ابن عقيل وقدمه [ ص: 466 ] في المذهب ، والأول أولى ، لأنها وردت بألفاظ مختلفة ، فوجب أن يجزئ منها ما اجتمعت عليه الأحاديث ، وهو الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - حسب ما اختاره القاضي والشيخان ، وصححه ابن تميم والجد في " فروعه " ، وقال ابن حامد ، وأبو الخطاب : يجب الصلاة على ما في خبر كعب ، وهو ظاهر كلامه في " التلخيص " و " المذهب " لظاهر الأمر به .



                                                                                                                          مسائل : الأولى أن المشبه دون المشبه به ، فكيف تطلب صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتشبه بالصلاة على إبراهيم وآله .

                                                                                                                          وجوابه بأنه يحتمل أن مراده أصل الصلاة بأصلها لا القدر بالقدر ، كقوله تعالى كتب عليكم الصيام كما كتب الآية [ البقرة : 183 ] .

                                                                                                                          ويحتمل أن التشبيه وقع في الصلاة على الآل لا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكون وعلى آل محمد متصلا بما بعده ، ويقدر له ما يتعلق به ، والأول مقطوع عن التشبيه ، وفيهما نظر ، ويحتمل - وهو أحسنها - أن المشبه الصلاة على النبي وآله بالصلاة على إبراهيم وآله ، فتقابلت الجملتان ، وتعذر أن يكون لآل الرسول ما لآل إبراهيم الذين هم الأنبياء ، فكان ما يوفر من ذلك حاصلا للرسول - صلى الله عليه وسلم - والذي يحصل من ذلك الرحمة ، والرضوان ، ومن كانت في حقه أكثر كان أفضل .

                                                                                                                          الثانية : السنة تقديم التشهد على الصلاة ، فإن لم يفعل من غير تغيير المعنى ، والإخلال بشيء من الواجبات ، فالأصح عدم الإجزاء ، وكذا لو أبدل آل بأهل ، وقال القاضي : يجزئه .

                                                                                                                          [ ص: 467 ] الثالثة : كان يلزمه عليه السلام أن يقول في تشهده : وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم صل على محمد إلى آخره ، والشهادتين في الأذان ، ذكره ابن عقيل ، وفيه وجه ذكره ابن حمدان .

                                                                                                                          الرابعة : لا تجب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - خارج الصلاة ، وقيل : بلى ، اختاره أبو جعفر الطحاوي ، وأبو عبد الله الحليمي ، واللخمي ، وأبو عبد الله بن بطة ، والقائلون به قيل : يجب في العمر مرة واحدة ، وقيل : كلما ذكر ، ودليله ظاهر ، وله الصلاة على غيره منفردا ، نص عليه ، وكرهها جماعة ، وحرمها آخرون ، وقاله الشيخ تقي الدين مع الشعار .

                                                                                                                          الخامسة : آل محمد عليه السلام : أتباعه على دينه ، ذكره القاضي لقوله تعالى ( آل فرعون ) يعني أتباعه على دينه ، وقيل : كل تقي للخبر ، رواه تمام في " فوائده " وقيل : أزواجه ، ومن آمن به من عشيرته ، وقيل : هم بنو هاشم المؤمنون ، ونص أحمد على أنهم أهل بيته ، فمنهم بنو هاشم ، وفي بني المطلب روايتا زكاة ، وأفضل أهل بيته علي ، وفاطمة ، وحسن ، وحسين ، وظاهر كلامه في موضع أن حمزة أفضل من حسن وحسين .




                                                                                                                          الخدمات العلمية