الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله قال ابن عباس : هذه آخر آية نزلت من القرآن.

                                                                                                                                                                                                                                      غيره: نزلت قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث ساعات.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: عاش عليه الصلاة والسلام بعد نزولها تسع ليال.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله : يوم القيامة، وقيل: يوم موت الإنسان.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: آمن الرسول بما أنـزل إليه من ربه والمؤمنون روي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كتب الله كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، فأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان» .

                                                                                                                                                                                                                                      كل آمن بالله أي: كلهم آمن بالله.

                                                                                                                                                                                                                                      لا نفرق بين أحد من رسله أي: يقولون: لا نفرق بينهم، فنؤمن ببعض، ونكفر ببعض.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 614 ] غفرانك ربنا : مصدر استغني به عن الفعل، والتقدير: اغفر لنا غفرانك، [وقدره بعضهم: نسألك غفرانك].

                                                                                                                                                                                                                                      لا يكلف الله نفسا إلا وسعها أي: قدر طاقتها.

                                                                                                                                                                                                                                      لها ما كسبت : من الخير، وعليها ما اكتسبت : من الشر، عن محمد بن كعب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معناه: لا يؤاخذ أحدا بذنب أحد.

                                                                                                                                                                                                                                      ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قيل: هو من النسيان الذي هو ضد الذكر، وقيل: معناه: الترك; فيكون المعنى: إن تركنا شيئا من أوامرك.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى {أخطأنا} : لم نتعمد الذنب، فإن تعمد الذنب; قيل: خطئنا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معنى {أخطأنا} : دخلنا في الخطيئة.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تحمل علينا إصرا : (الإصر) : العهد، عن مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جبير : شدة العمل، نحو ما شدد على بني إسرائيل.

                                                                                                                                                                                                                                      مالك : هو الأمر الغليظ.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة : الثقل، وهذا أصله في اللغة، وإليه ترجع الأقوال المتقدمة.

                                                                                                                                                                                                                                      ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به أي: ما لا نستطيعه إلا على مشقة، ولم يريدوا [ ص: 615 ] سؤاله ألا يكلفهم ما لا يطيقونه; لأن الله تعالى لا يكلف العباد ما لا يطيقون.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز الأشعري ومن قال بقوله جواز تكليف الله تعالى عباده الشيء في حال عدم قدرتهم عليه، واستدلوا بقوله: وكانوا لا يستطيعون سمعا [الكهف: 101]، وشبهه، فأخبر عنهم بعدم استطاعة القبول، وقد كلفهم إياه، وقالوا: فلو كان تكليف ما لا يطاق ظلما وجورا; كان هؤلاء الذين أحسن الله الثناء عليهم قد سألوه ألا يظلمهم، والله تعالى لا يثني على قوم يجيزون عليه مثل هذا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: واعف عنا أي: امح ذنوبنا، و(العافية) : دروس البلاء، و(العافي) : الدارس الممحي.

                                                                                                                                                                                                                                      واغفر لنا : غط ذنوبنا واسترها.

                                                                                                                                                                                                                                      أنت مولانا أي: ولي نصرنا على أعدائنا.

                                                                                                                                                                                                                                      وفيما أخبر به من الدعاء ههنا وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أن يكون تعليما للخلق كيف يدعون.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 616 ] والثاني: أن يكون على إضمار القول، كأنه قال: يقولون كذا وكذا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية