الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة أي: رجوعا إلى الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                      و (الحسرات): جمع حسرة؛ وهي الندامة، حسر حسرة، وحسرا، وأصلها: الانكشاف، فهي انكشاف عن حال الندامة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى التشبيه في (كذلك) أي: كتبرؤ بعضهم من بعض يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد، والربيع: يريهم الله أعمالهم السيئة ليجزوا عليها، فالتقدير: يريهم عقاب أعمالهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن مسعود، والسدي : يريهم الطاعات التي ضيعوها، وهذا في الكفار خاصة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 393 ] يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا : (الطب): هو الحلال، فجمع بين الصفتين؛ لأن في قوله: (طيبا) إخبارا بأنه مستلذ في الدنيا والآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: (الطيب): ما يستطاب، وذلك إذا كان حلالا أيضا.

                                                                                                                                                                                                                                      و خطوات الشيطان : آثاره.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : أعماله، مجاهد وقتادة : خطاياه، وقيل: هي النذور في المعاصي.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : يعني: ما حرموه في الجاهلية من البحيرة وما ذكر معها.

                                                                                                                                                                                                                                      يقال: (خطوت خطوة واحدة)، و (الخطوة): الاسم.

                                                                                                                                                                                                                                      إنما يأمركم بالسوء والفحشاء أي: يزين لكم، ويسول لكم.

                                                                                                                                                                                                                                      و (السوء): ما تسوء عاقبته، و (الفحشاء): ما فحش ذكره؛ كالزنى وشبهه.

                                                                                                                                                                                                                                      وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون قيل: يعني: في البحيرة وشبهها.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا قيل لهم : الضمير راجع إلى (من) من قوله: من يتخذ من دون الله أندادا ، وقيل: هو راجع إلى (الناس) من: يا أيها الناس ، وهو اختيار الطبري.

                                                                                                                                                                                                                                      و {ألفينا}: وجدنا، وصادفنا.

                                                                                                                                                                                                                                      أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون : [أي: أيتبعون آباءهم [ ص: 394 ] ولو كانوا لا يعقلون شيئا ولا يهتدون؟!]، والواو: للعطف، دخلت للعموم، كأنه قال: أيتبعونهم على كل حال ؟!

                                                                                                                                                                                                                                      ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء يقال: (نعق بالغنم، ينعق نعيقا) ؛ إذا صاح بها.

                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى فيما روي عن ابن عباس وغيره: مثلك - يا محمد ومثل الذين كفروا في دعائك إياهم كمثل الناعق في دعائه المنعوق به من البهائم، وهي لا تفهم، فحذف لدلالة المعنى، وهذا معنى قول سيبويه، ومذهب الزجاج، والفراء .

                                                                                                                                                                                                                                      قال سيبويه: لم يشبهوا بالناعق، إنما شبهوا بالمنعوق به، والمعنى: مثلك ومثل الذين كفروا كمثل الناعق والمنعوق به.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد : مثل الذين كفروا في دعائهم الآلهة الجماد كمثل الصائح في جوف الليل، فيجيبه الصدى، فهو يصيح بما لا يسمع، ويجيبه ما لا حقيقة فيه ولا منتفع.

                                                                                                                                                                                                                                      قطرب : المعنى: مثل الذين كفروا في دعائهم ما لا يفهم - يعني: الأصنام - [ ص: 395 ] كمثل الراعي إذا نعق بغنمه، وهو لا يدري أين هي؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقوبل المنعوق به بالناعق على القول الأول على وجه الحذف والاختصار.

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو عبيدة : هو جار مجرى المقلوب، كأنه وضع الناعق مكان المنعوق به؛ كقولهم: (أدخلت القلنسوة في رأسي).

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية