الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله: كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم على الاختلاف المتقدم فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      الخيط الأبيض عند أكثر العلماء: الفجر المعترض في أفق السماء، هذا مذهب مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وغيرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال حين صلى الفجر: الآن تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وروي نحوه عن ابن مسعود .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مسروق: لم يكونوا يعدون الفجر فجركم، إنما كانوا يعدون الفجر [ ص: 427 ] الذي يملأ البيوت.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه الآية دليل على جواز إصباح الصائم جنبا، وهو مذهب مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وغيرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن الحسن وسالم أنهما قالا: يتم صومه ويقضيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي نحوه عن أبي هريرة، وروي عنه أيضا: أن ذلك إذا علم بجنابته، فإن لم يعلم؛ تم صومه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال النخعي : يجزئه في التطوع، ويقضي في الفرض.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: ثم أتموا الصيام إلى الليل أهل العلم مجمعون على أن الإفطار يجب بمغيب الشمس، فإن أفطر قبل أن تغيب وهو يظن أنها قد غابت؛ فعليه القضاء في قول أكثر العلماء، ولا قضاء عليه عند الحسن، وإسحاق بن راهويه، كما لا قضاء على الناسي في قولهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد قال الشافعي : هذا يدل على أن المباشرة كانت مباحة في الاعتكاف، ثم نسخت بالنهي عنها.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 428 ] وقال مجاهد : كانت الأنصار تجامع في الاعتكاف، فنزلت الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بنحوه الضحاك، ولم يخص الأنصار.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يجب الاعتكاف على أحد في قول سائر العلماء فرضا، ويلزمه إن ألزمه نفسه، وأقله عند مالك يوم وليلة، [فإن قال: (لله علي اعتكاف ليلة) ؛ لزمه ليلة ويوم، وكذلك إن نذر اعتكاف يوم؛ لزمه يوم وليلة].

                                                                                                                                                                                                                                      وقال سحنون : من نذر اعتكاف ليلة؛ فلا شيء عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو حنيفة وأصحابه: إن نذر يوما؛ فعليه يوم بغير ليلة، وإن نذر اعتكاف ليلة؛ فلا شيء عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      الشافعي : عليه ما نذر: إن ليلة؛ فليلة، وإن يوما، فيوما.

                                                                                                                                                                                                                                      ومذهب مالك، وأبي حنيفة، وغيرهما: أنه لا اعتكاف إلا بصوم.

                                                                                                                                                                                                                                      ومذهب الشافعي، وأبي ثور، وغيرهما: أنه مخير بين الصوم والفطر، ولا [ ص: 429 ] يعتكف في قول الزهري، والحكم، وغيرهما، إلا في مسجد تجمع فيه الجمعة، ورواه ابن عبد الحكم عن مالك وقال: أو في رحاب المسجد التي تجوز فيها الصلاة، وروي عن مالك أيضا: أنه يعتكف في كل مسجد جماعة، وأن المساجد عموم، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه.

                                                                                                                                                                                                                                      الشافعي : إن اعتكف في غير الجامع؛ فمن الجمعة إلى الجمعة.

                                                                                                                                                                                                                                      حذيفة: لا يعتكف إلا في أحد المساجد الثلاثة.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن المسيب : لا يعتكف إلا في مسجد نبي.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية