الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      القطان

                                                                                      الإمام الحافظ القدوة ، شيخ الإسلام أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة بن بحر ، القزويني القطان عالم قزوين .

                                                                                      مولده في سنة أربع وخمسين ومائتين .

                                                                                      سمع من أبي عبد الله بن ماجه " سننه " ، ومن محمد بن الفرج الأزرق ، وأبي حاتم الرازي ، وإبراهيم بن ديزيل ، والحارث بن أبي أسامة ، والقاسم بن محمد الدلال ، ويحيى بن عبدك القزويني ، وإسحاق بن إبراهيم الدبري ، والحسن بن عبد الأعلى البوسي -لقيهما باليمن - وهذه الطبقة .

                                                                                      وجمع وصنف ، وتفنن في العلوم ، وثابر على القرب .

                                                                                      حدث عنه : الزبير بن عبد الواحد الحافظ ، وأبو الحسن النحوي ، وأبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي ، وأحمد بن علي بن لال ، وأبو سعيد عبد الرحمن بن محمد القزويني ، والقاسم بن أبي المنذر الخطيب ، وأحمد [ ص: 464 ] بن نصر الشذائي المقرئ ، تلا عليه عن تلاوته على الحسن بن علي الأزرق بحرف الكسائي .

                                                                                      قال أبو يعلى الخليلي : أبو الحسن القطان ، شيخ عالم بجميع العلوم والتفسير والفقه والنحو واللغة كان له بنون : محمد وحسن وحسين ، ماتوا شبابا .

                                                                                      سمعت جماعة من شيوخ قزوين يقولون : لم ير أبو الحسن -رحمه الله- مثل نفسه في الفضل والزهد ; أدام الصيام ثلاثين سنة ، وكان يفطر على الخبز والملح ، وفضائله أكثر من أن تعد .

                                                                                      وقال ابن فارس في بعض أماليه : سمعت أبا الحسن القطان بعدها علت سنه ، يقول : كنت حين رحلت أحفظ مائة ألف حديث ، وأنا اليوم لا أقوم على حفظ مائة حديث .

                                                                                      وسمعته يقول : أصبت ببصري ، وأظن أني عوقبت بكثرة كلامي أيام الرحلة .

                                                                                      قلت : صدق والله ، فقد كانوا مع حسن القصد ، وصحة النية غالبا ، يخافون من الكلام . وإظهار المعرفة والفضيلة ، واليوم يكثرون الكلام مع [ ص: 465 ] نقص العلم ، وسوء القصد ، ثم إن الله يفضحهم ، ويلوح جهلهم وهواهم واضطرابهم فيما علموه ، فنسأل الله التوفيق والإخلاص .

                                                                                      توفي هذا الإمام في سنة خمس وأربعين وثلاثمائة .

                                                                                      وفيها توفي مسند وقته أبو بكر أحمد بن سليمان بن أيوب العباداني ، والمحدث أبو القاسم إسماعيل بن يعقوب بن الجراب البغدادي ، بمصر عن بضع وثمانين سنة ، ومحدث مرو أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي الدخمسيني ، وشيخ الشافعية أبو علي الحسن بن الحسين بن أبي هريرة البغدادي ، ومسند مصر أبو عمرو عثمان بن محمد بن أحمد السمرقندي ، والعلامة أبو عمر الزاهد غلام ثعلب ، والمحدث أبو بكر محمد بن العباس بن نجيح ، والوزير أبو بكر محمد بن علي بن أحمد بن رستم المادرائي بمصر عن ثمان وثمانين سنة ، والمحدث مكرم بن أحمد بن محمد بن مكرم القاضي ببغداد ، وصاحب " مروج الذهب " أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي .

                                                                                      أخبرنا القاضي تاج الدين عبد الخالق بن عبد السلام سنة ثلاث وتسعين ببعلبك ، أخبرنا الإمام عبد الله بن أحمد ( ح ) أخبرنا سنقر بن عبد الله الحلبي ، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف اللغوي ، قالا : أخبرنا أبو زرعة بن طاهر ، أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين ، أخبرنا القاسم بن أبي المنذر ، أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم ، حدثنا أبو عبد الله بن ماجه ، حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا مروان بن شجاع ، حدثنا سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رفعه ، قال : الشفاء في ثلاث : شربة عسل ، وشرطة محجم ، وكية نار ، وأنهى أمتي عن الكي [ ص: 466 ] .

                                                                                      هذا حديث صحيح غريب ، أخرجه البخاري نازلا عن الحسين ، عن أحمد بن منيع ، فوقع لنا بدلا عاليا . والحسين : هو ابن محمد القباني تلميذ البخاري . وراوية " مسند " أحمد بن منيع عنه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية