السلام عليكم..

دكتور محمد عبدالعليم؛ أنا من أشد المعجبين باستشاراتك, ودائما أقرأها و أتابعها, لكنني لاحظت في إحدى استشاراتك بأنك تصرف دواء بروزاك من غير وصفة طبية, وهذا الأمر يتعارض بشدة مع الأطباء النفسيين, فقد قال لي أحد الأطباء بأن صرف هذا الدواء من غير وصفة طبية ربما يعرض المريض للخطر, و يعرض كليته لالتهابات محتملة مالم يحدد الجرعة اللازمة.

فكرت بحديثه وأحببت أن أسمع رأيك تجاه هذا الأمر, فكيف -يا دكتور- تحدد الجرعة من دون أن ترى ولا تفحص المريض؟ هذه تساؤلات أتمنى يا دكتورنا الفاضل أن ترد عليها.

وشكرا لك ثانيا.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرا, أشكرك كثيرا على هذا السؤال الجيد والممتاز, وأقول لك:

إننا حذرون تماما فيما يخص تشخيص الحالات, وحين تكون الدرجة اليقينية عالية جدا نقصد بعض الأدوية التي لا تتطلب وصفة طبية في معظم الدول, وأنا أقول لك بكل تواضع أن خبرتي كبيرة جدا في الطب النفسي, وأعرف ما يعانيه المرضى النفسيين من وصفه, وعدم التمكن من الذهاب إلى الأطباء في كثير من الدول, وما أقوم به أو نقوم به في الشبكة الإسلامية هو معروف ومصرح به تماما.

كما أود أن أؤكد لك أن البروزاك الآن هو الدواء الأول الذي يصرف بواسطة الأطباء العموميين غير المختصين, وكذلك أطباء الأسرة, الدواء دواء فاعل, دواء ممتاز وسليم جدا, وحين تنتابنا أي نوع من الشكوك حول التشخيص لا ننصح بالدواء أبدا, إنما ننصح بمقابلة الأطباء, أرجوا أن أؤكد لك أن ما ننصح به لا يمكن أن يكون بديلا في الأصل عن المقابلة للطبيب, لكنه في ذات الوقت خدمة جيدة ومفيدة وسليمة للذين لا يستطيعون مقابلة الأطباء, وكثير من الإخوة الذين يعرضون استشاراتهم يتواصلون أيضا معنا عن طريق التلفون.

ما ذكر لك حول البروزاك وأنه يعرض حياة المريض للخطر, الدواء يعرض حياة المريض للخطر إذا كان جرعته خاطئة ولم يتم تناوله بالصورة الصحيحة, ولم تراع ظروف المريض الصحية, البروزاك هو من أسلم الأدوية التي دخلت الأسواق الدوائية, وهو دواء مصرح به في حالات الأمراض العضوية الجسيمة, مثل أمراض القلب, وبالنسبة لتأثير البروزاك على الكلى ليس للبروزاك أي تأثير سلبي على الكلى, لكن يجب أن يستعمل كبقية الأدوية بحذر بالنسبة للمرضى الذين يعانون من أمراض في الكلى, أو بدايات الفشل الكلوي.

أنا أقدر سؤالك جدا, وهو سؤال جميل وطيب, وفي ذات الوقت أرجو أن تتفهم أن ما نقوم به هو في حدود الأخلاق الطبية, وهي التي تحكمنا وكذلك في حدود ما يسمح به القانون, والأمر أمر اختياري جدا, حيث أن هذه الاستشارات وما يرد فيها ليس أمرا إجباريا أو ملحا على أي أحد, إنما هي وجهة نظر من يأخذ بها نسأل الله تعالى أن ينفعه بذلك, ومن لا يأخذ بها لا شك أنه يملك الحق الكامل في رفضها.

الجرعة أيها الفاضل الكريم تحدد من خلال العمر, وكذلك من خلال الوزن, والبروزاك هو من الأدوية التي تعطى بجرعة كبسولة إلى أربع كبسولات في اليوم للشخص الذي يكون وزنه أكثر من ستين كيلو جرام, هذه الأدوية يجب أن تستعمل بحذر شديد بالنسبة للأطفال, أو بالنسبة للذين لم يبلغوا عمر الــ 17 بصفة عامة, كما أنها يجب أن تستعمل بحذر بالنسبة لكبار السن, وهذا ينطبق حتى على الأدوية البسيطة مثل البندول, وكذلك الأسبرين.

أيها الفاضل الكريم: الدواء النفسي هو جزء من الرزمة العلاجية المتكاملة وليس هو كل شيء, أنا أشكرك كثيرا على سؤالك وجزاك الله خيرا, وأرجو أن تطمئن, وأؤكد لك أن إجاباتنا على هذه الاستشارات لا يمكن أن تكون بديلا لمقابلة الأطباء, لكن هنالك من لا يستطيعون مقابلة الأطباء, وهذه الإشكالية التي نحاول أن نساهم في حلها.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا, ونسأل الله لك التوفيق والسداد.