الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمورنا متعثرة وأحوالنا متوقفة، فهل ذلك بسبب السحر؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا من عائلة تعاني الكثير من المشاكل الأسرية منذ أكثر من 30 سنة بين والدي، ولم يتطلقا إلا حديثاً.

لي 3 أخوات فوق الثلاثين سنة لم يتزوجن بعد، وأنا وأخي لم نوفق في العمل ولم نتزوج بعد بسبب ضيق الحالة المادية، مع العلم أن والدي غني، ولكنه بخيل ولا ينفق على بناته، وحالنا جميعاً متوقف، والناس الذين حولنا يعلمون ذلك.

تعرضنا للأذى من الجيران وبعض الأقارب، أتذكر قبل فترة طويلة ونحن صغار أتت متسولة وجلست على باب المنزل، وفتحت الباب لها خالتي، وقامت بعقد عدة عقد في خيط أزرق اللون، ووضعته في يد خالتي، وطلبت منها ضم يدها عليه، ثم فتحت يدها فإذا بالعقد اختفت، لا أستطيع أن أجزم ما هو السبب في وقوف حالنا جميعاً، حيث إن مشكلتنا معقدة بعض الشيء.

فبماذا تنصحوننا؟ لأننا تعبنا جميعاً، ولكم مني جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكم على الخير، وأن يوسّع عليكم في الرزق، وأن يُلهمكم السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

لا يخفى عليكم أن الإنسان مطالب أن يبذل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه}، والمؤمن يؤمن أن هذا الكون ملْكٌ لله، ولن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله تبارك وتعالى، ويوقن كذلك أن الناس لا يملكون لأنفسهم فضلاً عن غيرهم ضرًّا ولا نفعًا، ويوقنُ كذلك أن هذه الدنيا ليست سهلة، وأن الإنسان يُبتلى فيها، و(عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ).

ولا شك أن المشاكل الحاصلة لها انعكاسات على الأبناء وعلى البنات وعلى الأسرة، لكن -ولله الحمد- أنتم الآن جميعًا في عمرٍ تستطيعون معه أن تتفاعلوا وأن تتجاوزوا مرارات الماضي بالنظر إلى المستقبل، وبالنسبة للعمل: فهذا ممَّا يُقدّره الله، نحن علينا أن نبذل الأسباب ونجتهد، ونبحث عن الفرص المناسبة، ثم نرضى بما يُقدّره الله تبارك وتعالى.

والإنسان عليه أيضًا أن يحافظ على أذكار الصباح والمساء؛ فإنها تنفع فيما نزل وما لم ينزل، ولا مانع أيضًا من قراءة الرقية الشرعية على النفس، أو الذهاب إلى راق شرعي، وخاصةً مع مثل هذه الأمور التي فيها عُقد وفيها أمور كالتي أشرتم إليها.

نحن بحاجة إلى أن نحصّن أنفسنا بالأذكار، نحافظ على أذكار الصباح والمساء، نقرأ الرقية الشرعية، نبذل الأسباب بالنسبة للعمل، نجتهد في أن نكون فيما بيننا كإخوة أشقاء، بيننا الألفة، بيننا المحبة؛ لأن هذه معان مهمَّة جدًّا، بل إذا وُجد الوفاق والتراحم فإن رحمة الله تنزل، فإن الشقاق والشجار هذا كله له آثار سلبية، والناس إذا تراحموا نزلت عليهم رحمة ربنا الرحيم سبحانه وتعالى.

أمَّا بالنسبة للوالد: فأرجو أن تحسنوا إليه، وتتعاملوا معه بمنتهى الهدوء، وتقوموا بواجبكم تجاهه وتجاه الوالدة، فإن خلافات الأب والأم لا تُبيح لنا التقصير مع الأب، ولا تُبيح لنا التقصير مع الأم، وما عند الوالد من أموال ومن خير هو في النهاية سيعود لأبنائه، لكن من المهم أن نتعامل معه بحكمة، وأن نقترب منه، وأن نطلب ما عنده بذكاء، حتى نجد منه ما يستطيع أن يُساعدنا به.

وعلى كل حال: كل إنسان عليه أن يسعى، وليس عليه إدراك النجاح، عليه أن يبذل الأسباب، ويتوكل على الكريم الوهاب، ثم يرضى بما يُقدّره الله، واعلم أن الخير في الذي يُقدّره الله تبارك وتعالى، والناظر في هذه الدنيا يجد كل إنسان مُبتلى بنوعٍ من الابتلاءات، فعلينا أن نتعرَّف على نعم الله علينا، فقد يُحرم الإنسان المال والوظيفة، لكنّه يُعطى العافية، وقد يُحرم العافية لكنّه يُعطى البيت، يُعطى الأولاد، بمعنى أن نعم الله مُقسّمة، والسعيد هو الذي يتعرَّف على نعم الله عليه، فإذا قام بشكرها نال بشكره لربِّه المزيد.

نوصيكم ببرّ الوالدين، والإحسان إليهما حتى لو قصّرا، نوصيكم بصلة الرحم، نوصيكم بالصلاة فإن هذه مفاتيح للرزق، نوصيكم بالاستقامة، نوصيكم بكثرة الاستغفار، والإكثار من قول (لا حول ولا قوة إلَّا بالله، والصلاة والسلام على رسولنا ونبيّنا المختار) فإن في هذا ذهاب الهموم والغموم، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن



مواقيت الصلاة

حسب التوقيت المحلي لدولة قطر دولة أخرى؟
  • الفجر
    03:44 AM
  • الظهر
    11:33 AM
  • العصر
    03:02 PM
  • المغرب
    05:59 PM
  • العشاء
    07:29 PM