الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 480 ] أبو عاصم ( ع )

                                                                                      الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم بن الضحاك ، الإمام الحافظ شيخ المحدثين الأثبات ، أبو عاصم الشيباني ، مولاهم ، ويقال : من أنفسهم ، البصري ، وأمه من آل الزبير ، وكان يبيع الحرير .

                                                                                      ولد سنة اثنتين وعشرين ومائة .

                                                                                      وحدث عن يزيد بن أبي عبيد ، وأيمن بن نابل ، وبهز بن حكيم ، وسليمان التيمي ، أحرفا من التفسير ، وحنظلة بن أبي سفيان ، وزكريا بن إسحاق ، وهشام بن حسان ، وابن عجلان ، وعثمان بن سعد الكاتب ، وحيوة بن شريح ، وجرير بن حازم ، وبكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة ، وثور بن يزيد ، وجعفر الصادق ، وجعفر بن يحيى بن ثوبان ، وحجاج بن أبي عثمان الصواف ، وابن عون ، وعبد الحميد بن جعفر ، وإسماعيل بن عبد الملك ، وإسماعيل بن رافع ، وأشعث بن عبد الله ، وابن جريج ، وشبيب بن بشر ، وموسى بن عبيدة ، وعبيد الله بن أبي زياد القداح ، وطلحة بن عمرو ، وجبير بن فرقد ، وعبد الله بن عثمان بن خثيم ، وعباد بن منصور ، ومستقيم بن عبد الملك ، وعمر بن محمد العمري ، وشعبة ، والأوزاعي ، وابن أبي عروبة ، وسفيان ، ومالك وخلق كثير . [ ص: 481 ]

                                                                                      وعنه البخاري ، وهو أجل شيوخه وأكبرهم ، وجرير بن حازم شيخه ، والأصمعي ، والخريبي ، وإسحاق بن راهويه ، وعلي ، وأحمد ، وأبو خيثمة ، وبندار ، وابن مثنى ، ومحمود بن غيلان ، والحسن الحلواني ، وهارون الحمال ، والذهلي ، والفلاس ، وعبد الله بن منير ، وابن وارة ، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، والكوسج ، والحارث بن أبي أسامة ، والكديمي ، وأحمد بن عصام الأصبهاني ، وعباس الدوري ، وعبد الله بن محمد بن أبي قريش ، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي ، وأبو مسلم الكجي ، وخلق آخرهم موتا محمد بن حبان الأزهر القطان .

                                                                                      وثقه يحيى بن معين .

                                                                                      وقال أحمد العجلي : ثقة ، كثير الحديث ، له فقه .

                                                                                      وقال أبو حاتم : صدوق ، وهو أحب إلي من روح بن عبادة .

                                                                                      وقال عمر بن شبة : حدثنا أبو عاصم النبيل ، ووالله ما رأيت مثله . [ ص: 482 ]

                                                                                      قال محمد بن عيسى الزجاج : حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج بحديث ، فقلت لأبي عاصم : ذكر ابن جريج ، فقال : كل شيء حدثتك به حدثوني به ، وما دلست حديثا قط ، إني لأرحم من يدلس .

                                                                                      قال ابن سعد : كان أبو عاصم ثقة فقيها .

                                                                                      وقال عبد الرحمن بن خراش : لم ير في يده كتاب قط .

                                                                                      وذكره أبو يعلى الخليلي فقال : متفق عليه زهدا وعلما وديانة وإتقانا .

                                                                                      وقال البخاري : سمعت أبا عاصم يقول : منذ عقلت أن الغيبة حرام ، ما اغتبت أحدا قط .

                                                                                      وروى أبو عبيد الآجري عن أبي داود قال : كان أبو عاصم يحفظ قدر ألف حديث من جيد حديثه ، وكان فيه مزاح ، ويقال : إنما قيل له : النبيل; لأن فيلا قدم البصرة ، فذهب الناس ينظرون إليه ، فقال له ابن جريج : ما لك لا تنظر ؟ قال : لا أجد منك عوضا ، قال : أنت نبيل . وبعضهم نقل أن أبا عاصم كان ضخم الأنف ، فتزوج امرأة ، فلما خلا بها ، دنا منها ليقبلها ، فقالت له : نح ركبتك عن وجهي ! ، قال : ليس ذا ركبة ، إنما هو أنف . [ ص: 483 ]

                                                                                      نقل ذلك إسماعيل بن أحمد والي خراسان ، عن أبيه ، عن أبي عاصم .

                                                                                      وقيل : لأنه كان يلبس الخز وجيد الثياب ، وكان إذا أقبل ، قال ابن جريج : جاء النبيل .

                                                                                      وقيل : لأن شعبة حلف ألا يحدث أصحاب الحديث شهرا ، فقصده أبو عاصم ، فدخل مجلسه ، وقال : حدث وغلامي العطار حر لوجه الله كفارة عن يمينك ، فأعجبه ذلك .

                                                                                      قال محمد بن عيسى الزجاج : سمعت أبا عاصم يقول : من طلب الحديث ، فقد طلب أعلى الأمور ، فيجب أن يكون خير الناس .

                                                                                      قال عمرو بن علي الفلاس : سمعت أبا عاصم يقول : ولدت أمي سنة عشر ومائة ، وولدت أنا في سنة اثنتين وعشرين .

                                                                                      قال عبد الله بن إسحاق الجوهري المستملي بدعة : سمعت أبا عاصم يقول : ولدت في ربيع الأول ، سنة اثنتين وعشرين ومائة .

                                                                                      وقال محمد بن سعد : توفي في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ، لأربع عشرة ليلة خلت منه . وأرخه فيها خليفة ، والكديمي ، وأبو داود ، ومحمد بن أحمد بن حبيب الذراع وغير واحد . [ ص: 484 ]

                                                                                      وقال الفلاس : مات سنة اثنتي عشرة ما ذكر الشهر .

                                                                                      وقال جابر بن كردي : مات سنة إحدى عشرة فهذا قول شاذ .

                                                                                      وقال يعقوب الفسوي ، ومحمد بن يحيى الزماني : سنة ثلاث عشرة ومائتين وهذا بعيد ، وأبعد منه ما روى ابن المقرئ ، عن أبي طلحة محمد بن أحمد بن الحسن التمار ، عن حمدان بن علي الوراق قال : ذهبنا إلى أحمد بن حنبل سنة ثلاث عشرة ، فسألناه أن يحدثنا ، فقال : تسمعون مني ، ومثل أبي عاصم في الحياة ؟ ! اخرجوا إليه .

                                                                                      وقال البخاري : فوهم - رحمه الله - : مات سنة أربع عشرة ومائتين في آخرها .

                                                                                      قال أبو بكر الخطيب : روى عن أبي عاصم جرير بن حازم ، ومحمد بن حبان ، وبين وفاتيهما مائة وإحدى وثلاثون سنة .

                                                                                      قلت : مات ابن حبان سنة إحدى وثلاثمائة وهو ضعيف .

                                                                                      أخبرنا محمد بن عبد السلام ، وأحمد بن هبة الله ، وزينب بنت كندي قراءة ، عن المؤيد بن محمد الطوسي ، أخبرنا محمد بن الفضل ( ح ) وأخبرونا عن عبد المعز بن محمد ، أخبرنا تميم بن أبي سعيد ، وأخبرونا عن زينب الشعرية ، أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم ، أن عمر بن مسرور الزاهد ، أخبرهم قال : أخبرنا إسماعيل بن نجيد ، أخبرنا أبو مسلم الكجي ، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري وأبو عاصم قالا : حدثنا بهز بن [ ص: 485 ] حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قلت : يا رسول الله ، من أبر ؟ قال : " أمك " قلت : ثم من ؟ قال : " ثم أمك ، ثم أباك ، ثم الأقرب ، فالأقرب " .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية