الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      بقية بن الوليد ( خت ، م ، 4 )

                                                                                      ابن صائد بن كعب بن حريز الحافظ العالم ، محدث حمص [ ص: 519 ] أبو يحمد الحميري ، الكلاعي ، ثم الميتمي الحمصي ، أحد المشاهير الأعلام . ولد سنة عشر ومائة سمع ذلك منه يزيد بن عبد ربه الجرجسي .

                                                                                      وروى عن : محمد بن زياد الألهاني ، وصفوان بن عمرو السكسكي ، وبحير بن سعد ، وثور بن يزيد ، وبشر بن عبد الله بن يسار ، وحبيب بن صالح الطائي ، وحصين بن مالك الفزاري ، والسري بن ينعم الجبلاني ، وضبارة بن مالك ، وعثمان بن زفر ، وعتبة بن أبي حكيم ، ومحمد بن عبد الرحمن بن عرق اليحصبي ، ومحمد بن الوليد الزبيدي ، ومسلم بن زياد ، ويونس بن يزيد الأيلي ، والوضين بن عطاء ، ويزيد بن عوف ، وأبي بكر بن أبي مريم ، وحريز بن عثمان ، وأمم سواهم . والأوزاعي ، وشعبة ، ومالك ، وابن المبارك ، وينزل إلى يزيد بن هارون ، وأقرانه . وقد روى عن تلميذه إسحاق ابن راهويه . وكان من أوعية العلم ، لكنه كدر ذلك بالإكثار عن الضعفاء والعوام ، والحمل عمن دب ودرج .

                                                                                      روى عنه : شعبة ، والحمادان ، والأوزاعي ، وابن جريج ، وهم من شيوخه ، وابن المبارك ، ويزيد بن هارون ، والوليد بن مسلم ، ووكيع ، وهم من أقرانه ، وإسماعيل بن عياش وهو أكبر منه ، وحيوة بن شريح ، ويزيد بن عبد ربه ، وأسد بن موسى ، وداود بن رشيد ، وإسحاق ابن راهويه ، وعلي بن حجر ، ونعيم بن حماد ، وهشام بن عمار ، وإبراهيم بن موسى الفراء ، وسويد بن سعيد ، وعمرو بن عثمان بن سعيد ، وأخوه يحيى ، وأبو التقي هشام بن عبد الملك ، ومحمد بن مصفى ، وعيسى بن أحمد العسقلاني ، ومحمد بن عمرو بن حنان ، ومهنا بن يحيى ، [ ص: 520 ] وهشام بن خالد الأزرق ، ويعقوب الدورقي ، وعبدة بن عبد الرحيم المروزي ، وخلق كثير ، خاتمتهم : أبو عتبة أحمد بن الفرج الحجازي . روى رباح بن زيد الكوفي ، عن ابن المبارك قال : إذا اجتمع إسماعيل بن عياش وبقية بن الوليد ، فبقية أحب إلي .

                                                                                      وروى سفيان بن عبد الملك ، عن ابن المبارك قال : بقية كان صدوقا ، لكنه يكتب عمن أقبل وأدبر .

                                                                                      وقال يحيى بن المغيرة الرازي ، عن ابن عيينة : لا تسمعوا من بقية ما كان في سنة ، واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره .

                                                                                      قلت : لهذا أكثر الأئمة على التشديد في أحاديث الأحكام ، والترخيص قليلا ، لا كل الترخص في الفضائل والرقائق ، فيقبلون في ذلك ما ضعف إسناده ، لا ما اتهم رواته ، فإن الأحاديث الموضوعة ، والأحاديث الشديدة الوهن لا يلتفتون إليها ، بل يروونها للتحذير منها ، والهتك لحالها ، فمن دلسها أو غطى تبيانها ، فهو جان على السنة ، خائن لله ورسوله . فإن كان يجهل ذلك ، فقد يعذر بالجهل ، ولكن سلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون . [ ص: 521 ]

                                                                                      قال أبو معين الرازي ، عن يحيى بن معين قال : كان شعبة مبجلا لبقية حيث قدم بغداد .

                                                                                      عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سئل أبي عن بقية وإسماعيل ، فقال : بقية أحب إلي ، وإذا حدث عن قوم ليسوا بمعروفين ، فلا تقبلوه .

                                                                                      قال أحمد بن زهير : سئل ابن معين عن بقية ، فقال : إذا حدث عن الثقات مثل صفوان بن عمرو وغيره ، وأما إذا حدث عن أولئك المجهولين ، فلا ، وإذا كنى الرجل أو لم يسم اسمه ، فليس يساوي شيئا .

                                                                                      وسئل : أيما أثبت هو أو إسماعيل ؟ قال : كلاهما صالحان .

                                                                                      يعقوب بن شيبة عن أحمد بن العباس ، سمع يحيى بن معين يقول : بقية يحدث عمن هو أصغر منه ، وعنده ألفا حديث عن شعبة صحاح ، كان يذاكر شعبة بالفقه . ولقد قال لي أبو نعيم : كان بقية يضن بحديثه عن الثقات . طلبت منه كتاب صفوان قال : كتاب صفوان ؟ ثم قال ابن معين : كان يحدث عن الضعفاء بمائة حديث ، قبل أن يحدث عن الثقة بحديث . [ ص: 522 ]

                                                                                      قال يعقوب بن شيبة : بقية ثقة ، حسن الحديث إذا حدث عن المعروفين ، ويحدث عن قوم متروكي الحديث وضعفاء ، ويحيد عن أسمائهم إلى كناهم ، وعن كناهم إلى أسمائهم ويحدث عمن هو أصغر منه . حدث عن سويد بن سعيد الحدثاني .

                                                                                      قال ابن سعد : كان بقية ثقة في الرواية عن الثقات ، ضعيفا في روايته عن غير الثقات .

                                                                                      قلت : وهو أيضا ضعيف الحديث إذا قال : " عن " فإنه مدلس . وقال أحمد العجلي : ثقة عن المعروفين ، فإذا روى عن مجهول ، فليس بشيء .

                                                                                      وقال أبو زرعة : بقية عجب . إذا روى عن الثقات ، فهو ثقة ، ويحدث عن قوم لا يعرفون ولا يضبطون . وقال : ما له عيب إلا كثرة روايته عن المجهولين ، فأما الصدق ، فلا يؤتى من الصدق .

                                                                                      وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به ، وهو أحب إلي من إسماعيل بن عياش .

                                                                                      وقال أبو عبد الرحمن النسائي : إذا قال : حدثنا ، وأخبرنا ، فهو ثقة ، وإذا قال : عن فلان فلا يؤخذ عنه ، لأنه لا يدرى عمن أخذه .

                                                                                      وقال أبو أحمد بن عدي : يخالف في بعض رواياته الثقات ، وإذا [ ص: 523 ] روى عن أهل الشام ، فإنه ثبت ، وإذا روى عن غيرهم ، خلط ، وإذا روى عن المجهولين ، فالعهدة منهم لا منه ، وهو صاحب حديث ، يروي عن الصغار والكبار ، ويروي عنه الكبار من الناس ، وهذه صفة بقية .

                                                                                      وقال ابن حبان : سمع بقية من شعبة ومالك وغيرهما أحاديث مستقيمة ، ثم سمع من أقوام كذابين عن شعبة ومالك ، فروى عن الثقات بالتدليس ما أخذ عن الضعفاء .

                                                                                      قال أبو مسهر الغساني : أحاديث بقية ليست نقية ، فكن منها على تقية .

                                                                                      وقال أبو إسحاق الجوزجاني : رحم الله بقية ما كان يبالي إذا وجد خرافة عمن يأخذه ، فإن حدث عن الثقات فلا بأس به . وقال عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن ضمرة وبقية فقال : ضمرة أحب إلينا ، ضمرة ثقة ، رجل صالح .

                                                                                      قال أبو داود : بقية أحسن حالا من الوليد بن مسلم ، وليس هذا عند الناس كذا .

                                                                                      قال حجاج بن الشاعر : سئل سفيان بن عيينة عن حديث من هذه الملح ، فقال : أبو العجب أخبرنا بقية بن الوليد أخبرنا .

                                                                                      قال إمام الأئمة ابن خزيمة : لا أحتج ببقية . ثم قال : حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي : سمعت أحمد بن حنبل يقول : توهمت أن بقية لا يحدث المناكير إلا عن المجاهيل ، فإذا هو يحدث المناكير عن المشاهير ، فعلمت من أين أتي .

                                                                                      قال أبو حاتم بن حبان : دخلت حمص ، وأكبر همي شأن بقية ، [ ص: 524 ] فتتبعت حديثه ، وكتبت النسخ على الوجه ، وتتبعت ما لم أجد بعلو من رواية القدماء عنه ، فرأيته ثقة ، مأمونا ، ولكنه كان مدلسا ، يدلس على عبيد الله بن عمر ، وشعبة ، ومالك ، ما أخذه عن مثل مجاشع بن عمرو ، والسري بن عبد الحميد ، وعمر بن موسى الميتمي وأشباههم ، فروى عن أولئك الثقات الذين رآهم بالتدليس ما سمع من هؤلاء الضعفاء عنهم ، فكان يقول : قال عبيد الله ، وقال مالك ، فحملوا عن بقية عن عبيد الله ، وعن بقية عن مالك ، وسقط الواهي بينهما ، فالتزق الموضوع ببقية ، وتخلص الواضع من الوسط . وكان ابن معين يوثقه .

                                                                                      وحدثنا سليمان بن محمد الخزاعي بدمشق ، حدثنا هشام بن خالد ، حدثنا بقية ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : من أدمن على حاجبه بالمشط ، عوفي من الوباء . وبه : إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- : إذا جامع أحدكم زوجته فلا ينظر إلى فرجها ، فإن ذلك يورث العمى .

                                                                                      وبه : قال -عليه السلام- : تربوا الكتاب وسحوه من أسفله ، فإنه أنجح للحاجة . [ ص: 525 ] وبه : من أصيب بمصيبة ، فاحتسب ولم يشك إلى الناس ، كان حقا على الله أن يغفر له . وحديث لا تأكلوا بالخمس فإنها أكلة الأعراب ، ولا بالمشيرة والإبهام ، ولكن بثلاث فإنها سنة وهذه بواطيل .

                                                                                      وقال أبو حاتم في حديث : يورث العمى ، وحديث : المصيبة ، وحديث : الأكل بالخمس : هذه موضوعات لا أصل لها .

                                                                                      أحمد بن يونس الحمصي : حدثنا الوليد بن مسلم عن بقية ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس : رخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في دم الحبون .

                                                                                      عمر بن سنان المنبجي ، وعبدان : حدثنا أبو التقي هشام بن عبد الملك ، حدثنا بقية ، حدثني مالك بن أنس ، عن عبد الكريم الهمداني ، عن أبي حمزة قال : سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن رجل نسي الأذان والإقامة ، فقال : إن الله يجاوز عن أمتي السهو في الصلاة ثم قال ابن حبان عقيبه : عبد الكريم هو الجزري ، وأبو حمزة هو أنس بن مالك ، حدثناه عبدان ، وابن سنان .

                                                                                      قلت : هذا الحديث لا يحتمل ، وقد رواه الوليد بن عتبة المقرئ ، قال : حدثنا بقية ، حدثنا عبيد رجل من همدان ، عن قتادة ، [ ص: 526 ] عن أبي حمزة ، عن ابن عباس قال : قيل : يا رسول الله ، الرجل ينسى الأذان والإقامة . فهذا أشبه ، مع أن عبيدا لا يدرى من هو ، فهو آفته .

                                                                                      محمد بن محمد الباغندي : حدثنا سليمان بن سلمة الخبائري ، حدثنا بقية ، حدثنا مالك ، عن الزهري ، عن أنس ، عن النبي -عليه السلام- : انتظار الفرج عبادة وهذا باطل ، ما رواه مالك بل ولا بقية ، بل المتهم به سليمان .

                                                                                      وكذلك الآفة في حديث الخضر : بينما هو يمشي في سوق بني إسرائيل بطوله . رواه عبد الوهاب بن الضحاك ، ذاك العرضي المتهم ، وسليمان بن عبيد الله الرقي الذي قال فيه يحيى بن معين : ليس بشيء ، كلاهما عن بقية ، حدثنا محمد بن زياد ، عن أبي أمامة الباهلي مرفوعا .

                                                                                      ولبقية عن يونس ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر مرفوعا : من أدرك ركعة من الجمعة وتكبيرتها فقط فقد أدرك الصلاة فهذا منكر ، وإنما يروي الثقات عن الزهري بعض هذا بدون ذكر [ ص: 527 ] الجمعة ، ودون قوله : وتكبيرتها فقط .

                                                                                      ولبقية : حدثنا ابن المبارك ، عن جرير بن حازم ، عن الزبير بن الخريت ، عن عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعا : نهى عن طعام المتباريين وهذا الصواب مرسل .

                                                                                      عباس الدوري : حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا يحيى بن معين ، عن يزيد الجرجسي ، حدثنا بقية ، عن الزبيدي ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، رفعه ; أنه سلم تسليمة .

                                                                                      فحاصل الأمر أن لبقية عن الثقات أيضا ما ينكر ، وما لا يتابع عليه . [ ص: 528 ]

                                                                                      مهنا بن يحيى : حدثنا بقية ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول ، عن أبي هريرة مرفوعا : يحشر الحكارون ، وقتلة الأنفس إلى جهنم في درجة واحدة . تفرد به مهنا ، وهو صدوق . وفي سنده انقطاع .

                                                                                      بقية بن الوليد : قال شريك ، عن كليب بن وائل ، عن ابن عمر ، مرفوعا : لا تساكنوا الأنباط في بلادهم ، ولا تناكحوا الخوز ، فإن لهم أصولا تدعوهم إلى غير الوفاء وهذا منكر جدا ، قد أسقط بقية من حدثه به عن شريك .

                                                                                      قال العقيلي : حدثنا محمد بن سعيد ، حدثنا عبد الرحمن بن الحكم ، عن وكيع قال : ما سمعت أحدا أجرأ على أن يقول : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من بقية .

                                                                                      قال عبد الحق في " الأحكام " له في مواضع : بقية لا يحتج به . وروى أيضا له أحاديث ساكتا عن تليينها .

                                                                                      قال الحافظ أبو الحسن بن القطان : بقية يدلس عن الضعفاء ، ويستبيح ذلك ، وهذا إن صح مفسد لعدالته .

                                                                                      قلت : نعم ، تيقنا أنه كان يفعله ، وكذلك رفيقه الوليد بن مسلم ، وغير واحد ، ولكنهم ما يظن بهم أنهم اتهموا من حدثهم بالوضع لذلك ، [ ص: 529 ] فالله أعلم .

                                                                                      أخبرنا عبد الخالق بن عبد السلام ببعلبك ، أخبرنا أبو محمد بن قدامة الفقيه ، أخبرنا طاهر بن محمد ، أخبرنا عبدوس بن عبد الله الهمداني ، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الطوسي ، حدثنا محمد بن يعقوب الأصم ، حدثنا أبو عتبة حدثنا بقية ، حدثنا صفوان بن عمرو ، حدثني أزهر بن عبد الله ، سمعت عبد الله بن بسر صاحب النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول : كنا نسمع أنه يقال : إذا اجتمع عشرون رجلا أو أكثر ، أو أقل ، فلم يكن فيهم من يهاب في الله ، فقد حضر الأمر .

                                                                                      كثير بن عبيد : حدثنا بقية ، حدثنا شعبة ، حدثني عاصم الأحول ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان مرفوعا : من تكفل لي أن لا يسأل امرءا شيئا ، أتكفل له بالجنة . غريب جدا .

                                                                                      محمد بن مصفى ، وآخر ، قالا : حدثنا بقية عن الأوزاعي ، عن ابن [ ص: 530 ] جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر مرفوعا : مجوس هذه الأمة القدرية .

                                                                                      عطية بن بقية : حدثنا أبي ، عن محمد بن زياد ، عن أبي أمامة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : السباق أربعة : أنا سابق العرب ، وبلال سابق الحبشة ، وصهيب سابق الروم ، وسلمان سابق الفرس . وهذا حديث منكر فرد والأظهر أن بلالا ليس بحبشي ، وأما صهيب ، فعربي من النمر بن قاسط . صح من غير وجه عن ابن المبارك قال : بقية أحب إلي من إسماعيل بن عياش .

                                                                                      وروى مسلم عن ابن راهويه ، عمن حدثه : أن ابن المبارك قال : نعم الرجل بقية لولا أنه يكني الأسماء ، ويسمي الكنى ، كان دهرا يحدثنا عن أبي سعيد الوحاظي ، فنظرنا فإذا هو عبد القدوس .

                                                                                      أبو داود : حدثنا أحمد بن حنبل قال : روى بقية عن عبيد الله مناكير .

                                                                                      وقال عثمان بن سعيد : قلت ليحيى : أيما أحب إليك : بقية أو محمد [ ص: 531 ] بن حرب ؟ فقال : ثقة ، وثقة قلت : وكان بقية شيخا حمصيا مزاحا . قال أبو التقي اليزني : سمعت بقية يقول : ما أرحمني ليوم الثلاثاء ما يصومه أحد .

                                                                                      ابن عدي : حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق ، سمعت بركة بن محمد الحلبي يقول : كنا عند بقية في غرفة ، فسمع الناس يقولون : لا ، لا . فأخرج رأسه من الروزنة ، وجعل يصيح معهم : لا ، لا . فقلنا : يا أبا يحمد -سبحان الله- أنت إمام يقتدى بك ! قال : اسكت ، هذه سنة بلدنا . بركة واه .

                                                                                      وقال أبو علي النيسابوري الحافظ : أخبرنا محمد بن خالد البردعي بمكة ، حدثنا عطية بن بقية قال : قال أبي : دخلت على هارون الرشيد ، فقال لي : يا بقية ، إني أحبك . فقلت : ولأهل بلدي يا أمير المؤمنين ؟ قال : إنهم جند سوء لهم كذا كذا غدرة . ثم قال : حدثني . فقلت : حدثنا محمد بن زياد ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أنا سابق العرب وذكر الحديث . فقال : زدني . فقلت : حدثني محمد بن زياد ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا مع كل ألف سبعين ألفا ، وثلاث حثيات من حثيات ربي . قال : فامتلأ من ذلك فرحا وقال : يا غلام ، الدواة ، وكان القيم بأمره الفضل [ ص: 532 ] بن الربيع ، ومرتبته بعيده ، فناداني : يا بقية ، ناول أمير المؤمنين الدواة بجنبك . قلت : ناوله أنت يا هامان ، فقال : أسمعت ما قال يا أمير المؤمنين ؟ قال : اسكت . فما كنت عنده هامان حتى أكون أنا عنده فرعون .

                                                                                      محمد بن مصفى : حدثنا بقية قال : قال لي شعبة : بحر لنا ، بحر لنا ، أي : حدثنا عن بحير بن سعد . وقال حيوة بن شريح : حدثنا بقية ، قال لي شعبة : أهد لي حديث بحير . فبعث بها إليه ، يعني صحيفة بحير ، فمات شعبة ولم تصل إليه .

                                                                                      عمر بن سنان المنبجي : حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك ، قال لي بقية : قال لي شعبة : يا أبا يحمد ، نحن أبصر بالحديث وأعلم به منكم . قلت : أتقول ذا يا أبا بسطام ؟ قال : نعم . قلت : فما تقول في رجل ضرب على أنفه فذهب شمه ؟ فتفكر فيها ، وجعل ينظر ، وقال : أيش تقول يا أبا يحمد ؟ فقلت : حدثنا ابن ذي حماية قال : كان مشيختنا يقولون : يجعل في أنفه الخردل ، فإن حركه علمنا أنه كاذب ، وإن لم يحركه فقد صدق .

                                                                                      ابن أبي السري العسقلاني ، عن بقية ، قال لي شعبة : ما أحسن حديثك ، ولكن ليس له أركان . فقلت : حديثكم أنتم ليس له أركان : تجيئني بغالب القطان ، وحميد الأعرج ، وأبي التياح ، وأجيئك بمحمد بن زياد الألهاني ، وأبي بكر بن أبي مريم الغساني ، وصفوان بن عمرو السكسكي ، يا أبا بسطام ، أيش تقول لو ضرب رجل رجلا فذهب شمه ؟ قال : ما عندي فيها شيء . الحديث .

                                                                                      أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء ، عن عبد الرحيم بن أبي سعد ، أخبرنا عبد الله بن محمد الفراوي ، أخبرنا محمد بن عبيد الله ، [ ص: 533 ] أخبرنا عبد الملك بن حسن ، أخبرنا أبو عوانة الحافظ ، حدثنا سعيد بن عمرو السكوني ، وعطية بن بقية ، وأبو عتبة ، الحمصيون ، قالوا : حدثنا بقية ، حدثنا الزبيدي ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : من دعي إلى عرس أو نحوه فليجب .

                                                                                      وبه : أخبرنا أبو عوانة ، حدثنا الدبري ، أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : إذا دعا أحدكم أخاه ، فليجب ، عرسا كان أو غيره .

                                                                                      وبه : أخبرنا أبو عوانة ، حدثنا أبو أمية ، حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا ليث ، عن محمد بن عبد الرحمن بن غنج ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : إذا دعا أحدكم أخاه ، فليأته ، عرسا ، أو نحوه وهذا صحيح ، ولم يخرجه مسلم ، وأخرج الأول عن ابن راهويه ، عن عيسى بن المنذر ، عن بقية ، وليس لبقية في الصحيح سواه .

                                                                                      قال أبو الحسن الدارقطني : كنية بقية أبو يحمد ، وأهل الحديث تقوله بفتح الياء .

                                                                                      قال حيوة بن شريح : سمعت بقية يقول : لما قرأت على شعبة أحاديث بحير بن سعد فقال : يا أبا يحمد ، لو لم أسمعها منك ، لطرت .

                                                                                      أبو أحمد بن عدي : حدثنا عبد الرحمن بن القاسم ، حدثنا مسهر ، [ ص: 534 ] حدثنا بقية ، عن محمد بن زياد ، عن أبي راشد ، قال : أخذ بيدي أبو أمامة ، وقال : أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي ثم قال : يا أبا أمامة ، إن من المؤمنين من يلين له قلبي .

                                                                                      قال أبو التقي اليزني : من قال : إن بقية قال : حدثنا فقد كذب ، ما قال قط إلا : حدثني فلان .

                                                                                      قال ابن سعد ومطين وطائفة : مات بقية سنة سبع وتسعين ومائة قلت : وفيها مات حافظ العراق وكيع ، وحافظ مصر ابن وهب ، وهشام بن يوسف قاضي اليمن ، وشعيب بن حرب بالمدائن ، وعثمان بن سعيد ورش مقرئ مصر . وعاش بقية سبعا وثمانين سنة -رحمه الله .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية