[ ص: 449 ] أبو قتادة الأنصاري السلمي ( ع ) 
فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم- شهد أحدا  ، والحديبية  ، وله عدة أحاديث . اسمه الحارث بن ربعي  ، على الصحيح ، وقيل : اسمه : النعمان  ، وقيل : عمرو   . 
حدث عنه أنس بن مالك  ،  وسعيد بن المسيب  ،  وعطاء بن يسار  ، وعلي بن رباح  ، وعبد الله بن رباح الأنصاري   . وعبد الله بن معبد الزماني  ، وعمرو بن سليم الزرقي  ،  وأبو سلمة بن عبد الرحمن  ، ومعبد بن كعب بن مالك  ، وابنه عبد الله بن أبي قتادة  ، ومولاه نافع   ; وآخرون . 
روى  إياس بن سلمة بن الأكوع  ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : خير فرساننا أبو قتادة  ، وخير رجالتنا  سلمة بن الأكوع   . 
الواقدي   : حدثني يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة  ، عن أمه ، عن أبيه ،  [ ص: 450 ] قال : قال أبو قتادة   : إني لأغسل رأسي ، قد غسلت أحد شقيه ، إذ سمعت فرسي جروة تصهل ، وتبحث بحافرها . فقلت : هذه حرب قد حضرت . 
فقمت ، ولم أغسل شق رأسي الآخر ، فركبت ، وعلي بردة ، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يصيح : الفزع الفزع . 
قال : فأدرك المقداد  ، فسايرته ساعة ، ثم تقدمه فرسي ، وكان أجود من فرسه . وأخبرني المقداد  بقتل مسعدة  محرزا - يعني : ابن نضلة   - فقلت  للمقداد   : إما أن أموت ، أو أقتل قاتل محرز   . 
فضرب فرسه ، فلحقه أبو قتادة  ، فوقف له مسعدة  ، فنزل أبو قتادة  فقتله ، وجنب فرسه معه . 
قال : فلما مر الناس ، تلاحقوا ، ونظروا إلى بردي ، فعرفوها ، وقالوا : أبو قتادة  قتل! فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : لا ، ولكنه قتيل  أبي قتادة  عليه برده ، فخلوا بينه وبين سلبه وفرسه . 
قال : فلما أدركني ، قال : اللهم بارك له في شعره وبشره ، أفلح وجهك ! قتلت مسعدة  ؟ قلت : نعم . قال : فما هذا الذي بوجهك ؟ . 
قلت : سهم رميت به ; قال : فادن مني . فبصق عليه ، فما ضرب علي قط ولا قاح . 
فمات أبو قتادة  وهو ابن سبعين سنة ; وكأنه ابن خمس عشرة سنة . 
قال : وأعطاني فرس مسعدة  وسلاحه  .  [ ص: 451 ] 
مالك  ، عن يحيى بن سعيد  ، عن عمر بن كثير  ، عن أبي محمد مولى أبي قتادة  ، عن  أبي قتادة  ، قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عام حنين  ، فلما التقينا ، رأيت رجلا قد علا المسلمين ، فاستدرت له من ورائه ، فضربته بالسيف على حبل عاتقه ، ضربة قطعت منها الدرع ، فأقبل علي ، وضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ، ثم أرسلني ، ومات . إلى أن قال : فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : من قتل قتيلا له بينة ، فله سلبه . فقمت ، فقلت : من يشهد لي ؟ وقصصت عليه ، فقال رجل : صدق يا رسول الله ، وسلب ذلك القتيل عندي . فأرضه منه . فقال أبو بكر   : لا ها الله ، إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه! فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : صدق فأعطانيه ، فبعت الدرع ، وابتعت به مخرفا في بني سلمة   ; فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام  . 
قال ابن سعد   : كانت سرية  أبي قتادة  إلى حضرة ، وهي بنجد  ، سنة ثمان ، وكان في خمسة عشر رجلا ، فغنموا مائتي بعير وألفي شاة ، وسبوا سبيا . ثم سرية  أبي قتادة  إلى بطن إضم بعد شهر . 
الدراوردي  ، عن أسيد بن أبي أسيد  ، عن أبيه : قلت  لأبي قتادة   : مالك لا تحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كما يحدث عنه الناس ؟ فقال : سمعت رسول  [ ص: 452 ] الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : من كذب علي فليشهد لجنبه مضجعا من النار . وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول ذلك ، ويمسح الأرض بيده  . 
سمعه قتيبة  منه . 
شعبة  ، عن أبي مسلمة  عن  أبي نضرة  ، عن أبي سعيد   : أخبرني من هو خير مني - أبو قتادة   - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال لعمار   : تقتلك الفئة الباغية  . 
ابن سعد   : حدثنا أبو الوليد   : حدثنا  عكرمة بن عمار   : حدثني عبد الله بن عبيد بن عمير   : أن عمر  بعث أبا قتادة  ، فقتل ملك فارس  بيده ، وعليه منطقة قيمتها خمسة عشر ألفا ، فنفلها إياه عمر   . 
قال خليفة   : استعمل علي  على مكة  أبا قتادة الأنصاري  ، ثم عزله بقثم بن العباس   . 
معمر  ، عن  عبد الله بن محمد بن عقيل   : أن معاوية  قدم المدينة  ، فلقيه أبو قتادة  ، فقال : تلقاني الناس كلهم غيركم يا معشر الأنصار  ، فما منعكم ؟ قالوا : لم يكن لنا دواب . قال : فأين النواضح ؟ . قال أبو  [ ص: 453 ] قتادة   : عقرناها في طلب أبيك يوم بدر   ; إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال لنا : إنكم ستلقون بعدي أثرة قال معاوية   : فما أمركم ؟ قال : أمرنا أن نصبر . 
قال : فاصبروا  . 
وروي ، أن عليا  كبر على  أبي قتادة  سبعا . فقال  أبو بكر البيهقي   : هذا غلط ; فإن أبا قتادة  تأخر عن علي   . 
وقال الواقدي   : لم أر بين ولد  أبي قتادة  وأهل البلد عندنا اختلاف أنه توفي بالمدينة   . 
قال : وروى أهل الكوفة   أنه توفي بها ، وأن عليا  صلى عليه . 
قال يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة  ، والمدائني  ، وسعيد بن عفير  ، وابن بكير  ، وشباب ، وابن نمير   : مات أبو قتادة  سنة أربع وخمسين . 
معمر  ، عن قتادة  ، عن عبد الله بن رباح  ، عن  أبي قتادة  ، قال : كنا مع  [ ص: 454 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره ، إذ تأخر عن الراحلة ، فدعمته بيدي ، حتى استيقظ ، فقال : اللهم احفظ أبا قتادة  كما حفظني منذ الليلة ، ما أرانا إلا قد شققنا عليك  . 
قال ابن سعد   : أبو قتادة بن ربعي بن بلدمة بن خناس بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة   . 
قال : وقد اختلف علينا في اسمه : فقال ابن إسحاق   : الحارث   ; وقال ابن عمارة   والواقدي   : النعمان   . وقيل : عمرو   . 
وله أولاد ، وهم : عبد الله  ، وعبد الرحمن  ، وثابت  ، وعبيد  ، وأم البنين  ، وأم أبان   . 
شهد أحدا  والخندق   . 
أيوب  ، عن محمد   : أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أرسل إلى أبي قتادة  ، فقيل : يترجل ; ثم أرسل إليه ، فقيل : يترجل ; ثم أرسل إليه ، فقيل : يترجل . فقال : احلقوا رأسه . 
فجاء ، فقال : يا رسول الله ، دعني هذه المرة ، فوالله لأعتبنك فكان أول ما لقي قتل رأس المشركين مسعدة   [ ص: 455 ] معن القزاز   : حدثنا محمد بن عمرو  ، عن  محمد بن سيرين   : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رأى أبا قتادة  يصلي ، ويتقي شعره ، فأراد أن يجزه ، فقال : يا رسول الله ، إن تركته ، لأرضينك . فتركه . فأغار مسعدة الفزاري  على سرح أهل المدينة    . فركب أبو قتادة  فقتله ، وغشاه ببردته  . 
حماد بن سلمة   : أخبرنا  إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة  ، عن أنس   : أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : من قتل كافرا فله سلبه . فقال أبو قتادة   : يا رسول الله ، إني ضربت رجلا على حبل عاتقه وعليه درع له ، فأجهضت عنه . فقال رجل : أنا أخذتها ، فأرضه منها وأعطنيها ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لا يسأل شيئا إلا أعطاه أو سكت ، فسكت . فقال عمر   : لا يفيئها الله على أسد من أسده ، ويعطيكها . فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقال : صدق عمر   . 
وروى مالك  ، عن يحيى بن سعيد  ، عن عمر بن كثير بن أفلح  ، عن أبي محمد مولى أبي قتادة   : أن أبا قتادة  قال : خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم- عام حنين   . . . الحديث بنحو منه . وفيه : فقال أبو بكر   : لا ها الله! إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله ، فيعطيك سلبه ، فأعطاني الدرع ، فبعته . قال : فابتعت به مخرفا ; فإنه لأول مال تأثلته  . 
الواقدي   : حدثنا  أسامة بن زيد الليثي  ، عن  الأعرج  ، عن عبد الله بن أبي قتادة  ، عن أبيه ، قال : لما كان يوم حنين  ، قتلت رجلا ، فجاء رجل ،  [ ص: 456 ] فنزع عنه درعه ، فخاصمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقضى لي بها ، فبعتها بسبع أواقي من  حاطب بن أبي بلتعة   . 
قال قتادة   : كان أبو قتادة  يلبس الخز . 
قال الواقدي   : لم أر بين ولد  أبي قتادة  وأهل بلدنا اختلافا أن أبا قتادة  توفي بالمدينة   . 
ابن نمير   : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد  ، عن موسى بن عبد الله بن يزيد الخطمي  ، قال : صلى علي  على  أبي قتادة  ، فكبر عليه سبعا . 
				
						
						
