الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              والمقصود من العقود : إنما هو القبض والاستيفاء . فإن المعاقدات تفيد وجوب القبض وجوازه ، بمنزلة إيجاب الشارع ، [ ص: 167 ] ثم التقابض ونحوه وفاء بالعقود ، بمنزلة فعل المأمور به في الشرعيات .

              والقبض ينقسم إلى صحيح وفاسد ، كالعقد . وتتعلق به أحكام شرعية ، كما تتعلق بالقبض ، فإذا كان المرجع في القبض إلى عرف الناس وعاداتهم من غير حد يستوي فيه جميع الناس في جميع الأحوال والأوقات ، فكذلك العقود ، وإن حررت عبارته قلت : أحد نوعي التصرفات . فكان الرجوع فيه إلى عادة الناس كالنوع الآخر .

              ومما يلتحق بهذا : أن الإذن العرفي في الإباحة أو التمليك أو التصرف بطريق الوكالة كالإذن اللفظي ، فكل واحد من الوكالة والإباحة ينعقد بما يدل عليها من قول وفعل ، والعلم برضى المستحق يقوم مقام إظهاره للرضى .

              وعلى هذا يخرج مبايعة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عثمان بن عفان بيعة الرضوان ، وكان غائبا ، وإدخاله أهل الخندق إلى منزل أبي طلحة ومنزل جابر بدون استئذانهما ؛ لعلمه أنهما راضيان بذلك . ولما دعاه - صلى الله عليه وسلم - اللحام سادس ستة : اتبعهم رجل ، فلم يدخله حتى استأذن اللحام الداعي ، وكذلك ما يؤثر عن الحسن البصري : أن أصحابه لما دخلوا منزله وأكلوا طعامه قال : ذكرتموني أخلاق قوم قد مضوا .

              وكذلك معنى قول أبي جعفر : إن الإخوان من يدخل [ ص: 168 ] أحدهم يده في جيب صاحبه فيأخذ منه ما شاء .

              ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - لمن استوهبه كبة شعر : " أما ما كان لي ولبني عبد المطلب : فقد وهبته لك " وكذلك إعطاؤه المؤلفة قلوبهم عند من يقول : إنه أعطاهم من أربعة الأخماس .

              وعلى هذا خرج الإمام أحمد بيع حكيم بن حزام وعروة بن الجعد لما وكله النبي - صلى الله عليه وسلم - في شراء شاة بدينار ، فاشترى شاتين وباع إحداهما بدينار .

              فإن التصرف بغير استئذان خاص : تارة بالمعاوضة ، وتارة بالتبرع ، وتارة بالانتفاع ، مأخذه : إما إذن عرفي عام ، أو خاص .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية