الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وبعدهما ) أي النزع والمضي ( غسل المتوضئ رجليه لا غير ) لحلول الحدث السابق قدميه إلا لمانع كبرد فيتيمم حينئذ ( وخروج أكثر قدميه ) من الخف الشرعي وكذا إخراجه ( نزع ) [ ص: 277 ] في الأصح اعتبارا للأكثر ولا عبرة بخروج عقبه ودخوله ; وما روي من النقض بزوال عقبه فمقيد بما إذا كان بنية نزع الخف ; أما إذا لم يكن : أي زوال عقبه بنيته بل لسعة أو غيرها فلا ينقض بالإجماع كما يعلم من البرجندي معزيا للنهاية وكذا القهستاني . لكن باختصار ، حتى زعم بعضهم أنه خرق الإجماع فتنبه .

التالي السابق


( قوله غسل المتوضئ رجليه لا غير ) ينبغي أن يستحب غسل الباقي أيضا ، مراعاة للولاء المستحب ، وخروجا من خلاف مالك كما قاله سيدي عبد الغني وسبقه إلى هذا في اليعقوبية ، ثم رأيته في الدر المنتقى عن الخلاصة مصرحا بأن الأولى إعادته ( قوله لحلول الحدث السابق ) أورد أنه لا حدث موجود حتى يسري ; لأن الحدث السابق حل بالخف وبالمسح قد زال ، ولا يعود إلا بخارج نجس ونحوه . وأجيب بجواز أن يعتبر الشارع ارتفاعه بمسح الخف مقيدا بمدة منعه نهر ( قوله فيتيمم ) مبني على ما قدمناه عن البدائع وعلمت ما فيه ، على أن الشارح مشى أولا على خلافه حيث ألحقه بالجبيرة ( قوله من الخف الشرعي ) أي الذي اعتبره الشرع لازما بحيث لا يجوز المسح على أنقص منه وهو الساتر للكعبين فقط .

قال ابن الكمال : فالسبق خارج عن حد الخف المعتبر في هذا الباب ، فخروج القدم إليه خروج عن الخف ( قوله وكذا إخراجه ) تصريح بما فهم من الخروج بالأولى ; لأن في الإخراج خروجا مع زيادة وهي القصد [ ص: 277 ] قوله في الأصح ) صححه في الهداية وغيرها وبه جزم في الكنز والمنتقى . وعن محمد إن بقي أقل من قدر محل الفرض نقض وإلا لا ، وعليه أكثر المشايخ كافي ومعراج ، وصححه في النصاب بحر ( قوله اعتبارا للأكثر ) أي تنزيلا له منزلة الكل ( قوله وما روي ) أي عن أبي حنيفة ( قوله بزوال عقبه ) أي خروجه من الخف إلى الساق ، والمراد أكثر العقب كما صرح به في المنية والبحر وغيرهما ، وعللوه بأنه حينئذ لا يمكن معه متابعة المشي المعتاد ، واختاره في البدائع والحلية والبحر ، ومشى عليه في الوقاية والنقاية ( قوله فمقيد إلخ ) أي فلا ينافي قوله ولا عبرة بخروج عقبه ; لأن المراد خروجه بنفسه بلا قصد ، والمراد من المروي الإخراج .

( قوله أو غيرها ) لعل المراد به ما كان غير واسع لكن أخرجه غيره أو هو في نومه ( قوله فلا ينقض بالإجماع ) وإلا وقع الناس في الحرج البين نهاية ( قوله وكذا القهستاني ) أي وكذا يعلم من القهستاني معزيا للنهاية أيضا ( قوله لكن باختصار ) نص عبارته : هذا كله إذا بدا له أن ينزع الخف فيحركه بنيته ، وأما إذا زال لسعة أو غيره فلا ينتقض بالإجماع كما في النهاية ( قوله أنه ) أي القهستاني خرق الإجماع أي بسبب اختصاره ط أي ; لأنه يوهم النقض بمجرد التحريك بنيته مع أنه لا نقض ، ما لم يخرج العقب أو أكثره إلى الساق بنيته .

وأما إرجاع الضمير في أنه إلى القول بالنقض بخروج العقب من غير نية فلا يناسبه التعبير بالزعم ; لأنه موافق لقول الشارح فلا ينقض بالإجماع ويلزمه التكرار أيضا . وظاهر كلام الشارح في شرحه على الملتقى أن الضمير راجع إلى ما روي ، وعليه فقوله حتى زعم بعضهم غاية لقوله فمقيد ، وعبارته في شرح الملتقى هكذا حتى زعم بعضهم أنه خرق الإجماع وليس كذلك ، بل هو من الحسن والاحتياط بمكان ; إذ ملخصه أن خروج أكثر القدم ناقض كإخراجه ، وإخراج أكثر العقب ناقض لا خروجه ، فهو على القول به ناقض آخر فتدبر . ا هـ أي ; لأن القول بالنقض بأكثر العقب يلزم منه القول بالنقض بأكثر القدم .




الخدمات العلمية