الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وتصح الجمعة ونحوها في طريق ضرورة ، وحافتيها نص عليها ، وعلى راحلة فيها ، وذكر جماعة وطريق أبيات يسيرة ، والأشهر للحنفية لا يكره في طريق واسع ، وأسطحة الكل كهي عند أحمد والأكثر ، وعنه تصح ، قال أبو الوفاء لا سطح نهر ، لأن الماء لا يصلى عليه ، وقال غيره : هو كالطريق ، وعنه لا يصح ، وكرهها في رواية عبد الله وجعفر على نهر وساباط ، وذكر القاضي فيما تجري فيه سفينة كطريق ، وعلله بأن الهوى تابع للقرار ، واختار أبو المعالي وغيره الصحة كالسفينة ، قال : ولو جمد الماء فكالطريق وذكر بعضهم الصحة ، وإن حدث الطريق بعده فوجهان ( م 4 ) ، ويأتي البناء في الطريق آخر الغصب في حفر البئر فيها ، [ ص: 374 ] وتصح الصلاة إليها مع الكراهة ، وقيل : لا تصح ، وقيل : إلى مقبرة ، اختاره صاحب المغني والمحرر ، وهو أظهر ، وعنه وحش ، اختاره ابن حامد ، وقيل وحمام ، ولا حائل ، ولو كمؤخرة الرحل ، وظاهره ليس كسترة صلاة ، فيكفي الخط ، بل كسترة المتخلي ، كما سبق ، ويتوجه أن مرادهم لا يضر بعد كثير عرفا ، كما لا أثر له في مار مبطل ، وعنه لا يكفي حائط المسجد ، جزم به صاحب المحرر وغيره ، لكراهة السلف الصلاة في مسجد في قبلته حش ، وتأول ابن عقيل النص على سراية النجاسة تحت مقام المصلي ، واستحسنه صاحب التلخيص ، وعن أحمد نحوه قال ابن عقيل : يبين صحة تأويلي لو كان الحائل كآخرة الرحل لم تبطل الصلاة بمرور الكلب ، ولو كانت النجاسة في القبلة كهي تحت القدم لبطلت ، لأن نجاسة الكلب آكد من نجاسة الخلاء ، لغسلها بالتراب ، فلزمه أن يقول بالخط هنا ، ولا وجه له ، وعدمه يدل على الفرق ولا [ ص: 375 ] يضر قبر وقبران ، وقيل ; بلى ، واختاره شيخنا ، وهو أظهر ، بناء على أنه هل يسمى مقبرة أم لا ؟ ويتوجه أن الأظهر أن الخشخاشة فيها جماعة قبر واحد وأن ظاهر كلامهم يفرد كل ميت بقبر : ندبا ، أو وجوبا ، وأن مع الحاجة يجعل بين كل اثنين حاجز من تراب ، وهذا معنى الخشخاشة .

                                                                                                          وقال في المذهب وغيره : ومن دفن بداره موتى لم تصر مقبرة ، وإن غير موضع النهي بما يزيل اسمها كجعل حمام دارا ، أو نبش مقبرة صحت الصلاة ، وحكي لا : قال عليه السلام { يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا } ونبش قبور المشركين منه ، وبنى مسجده . متفق عليه .

                                                                                                          والمسجد إن حدث بمقبرة كهي وإن حدث حوله أو في قبلته فكالصلاة إليها ، ويتوجه احتمال يصح حوله ، وهو ظاهر كلام جماعة .

                                                                                                          وقال الآمدي : لا فرق بين المسجد القديم والحديث .

                                                                                                          وقال في الفصول : إن بنى فيها مسجدا بعد أن انقلبت أرضها بالدفن لم تجز الصلاة ، لأنه بني في أرض الظاهر نجاستها ، كالبقعة النجسة ، وإن بني في ساحة طاهرة وجعلت في الساحة مقبرة جازت ، لأنه في جوار مقبرة ، وتأتي المسألة في البناء على القبور .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( مسألة 4 ) قوله : وإن حدث الطريق بعده فوجهان ، انتهى ، يعني إذا حدث الطريق بعد بناء ساباط ، وصلى على الساباط سواء بنى على الساباط مسجدا وصلى فيه ; أو صلى على الساباط من غير بناء ، وأطلقهما في الرعاية الكبرى أحدهما يصح ، وهو الصحيح ، قدمه ابن تميم ، قال في المغني والشرح وغيرهما : فإن كان المسجد سابقا فحدث تحته طريق أو عطن ، أو غيرهما من مواضع النهي لم تمنع الصلاة فيه بغير خلاف ، لأنه لم يتبع ما حدث بعده ، وذكر القاضي فيما إذا حدث تحت المسجد طريق وجها في كراهة الصلاة ، انتهى .

                                                                                                          وقال المجد في شرحه ومن تبعه : إذا كان إحداث الساباط جائزا صحت الصلاة فيه من غير كراهة ، رواية [ ص: 374 ] واحدة ، لأنه لا يسمى طريقا ، فهو بمنزلة ما إذا أحدث تحته طريق أو نهر ، انتهى ، وقد قدم الأصحاب صحةالصلاة فيما إذا حدثت قدامه بعد بناء المسجد وهذا مثله ، والوجه الثاني لا يصح ، واعلم أن كلام المصنف يشمل ما إذا حدث الطريق بعد بناء الساباط سواء بني عليه مسجد ، أو لا ، كما تقدم ، وابن تميم وابن حمدان إنما ذكرا الخلاف فيما إذا حدث الطريق بعد المسجد على الساباط ، وكذا قال الشيخ والشارح ، فكلام المصنف أعم ، وكلامهم لا ينافي كلامه ، والله أعلم ، وظاهر كلام الشيخ والشارح وغيرهما أن محل الخلاف في الكراهة وعدمها كما تقدم ، وظاهر كلام المصنف وابن حمدان أن محل الخلاف في الصحة وعدمها ، والله أعلم ، ولا يخلو إطلاق المصنف من نوع نظر لما تقدم من كلام الأصحاب .




                                                                                                          الخدمات العلمية