الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        875 - حدثنا فهد ، قال : ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال : ثنا عبد السلام بن حرب ، عن أبي العميس ، عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد ، عن أبيه ، عن جده قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته كيف رأيت الأذان فقال : ألقهن على بلال ، فإنه أندى صوتا منك .

                                                        فلما أذن بلال ندم عبد الله ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم
                                                        . فلما تضاد هذان الحديثان أردنا أن نلتمس حكم هذا الباب من طريق النظر لنستخرج به من القولين قولا صحيحا .

                                                        فنظرنا في ذلك ، فوجدنا الأصل المتفق عليه ، أنه لا ينبغي أن يؤذن رجلان أذانا واحدا ، يؤذن كل واحد منهما بعضه .

                                                        فاحتمل أن يكون الأذان والإقامة كذلك ، لا يفعلهما إلا رجل واحد .

                                                        [ ص: 143 ] واحتمل أن يكونا كالشيئين المتفرقين ، فلا بأس بأن يتولى كل واحد منهما رجل على حدة .

                                                        فنظرنا في ذلك فرأينا الصلاة لها أسباب تتقدمها من الدعاء إليها بالأذان ، ومن الإقامة لها هذا في سائر الصلوات .

                                                        ورأينا الجمعة يتقدمها خطبة لا بد منها ، فكانت الصلاة مضمنة بالخطبة ، وكان من صلى الجمعة بغير خطبة فصلاته باطلة ، حتى تكون الخطبة قد تقدمت الصلاة .

                                                        ورأينا الإمام لا يجب أن يكون هو غير الخطيب ، لأن كل واحد منهما مضمن بصاحبه . فلما كان لا بد منهما لم ينبغ أن يكون القائم بهما إلا رجلا واحدا .

                                                        ورأينا الإقامة جعلت من أسباب الصلاة أيضا ، وأجمعوا أنه لا بأس أن يتولاها غير الإمام فكما كان يتولاها غير الإمام ، وهي من الصلاة أقرب منها من الأذان ، كان لا بأس أن يتولاها غير الذي يتولى الأذان . فهذا هو النظر ، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد بن الحسن ، رحمهم الله تعالى .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية