الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر قتل مؤنس وبليق وولده علي والنوبختي

وفيها ، في شعبان ، قتل القاهر مؤنسا المظفر ، وبليقا ، وعلي بن بليق .

وكان سبب قتلهم أن أصحاب مؤنس شغبوا وثاروا ، وتبعهم سائر الجند ، وأحرقوا روشن دار الوزير أبي جعفر ، ونادوا بشعار مؤنس ، وقالوا : لا نرضى إلا بإطلاق مؤنس .

وكان القاهر قد ظفر بعلي بن بليق ، وأفرد كل واحد منهم في منزل ، فلما شغب الجند دخل القاهر إلى علي بن بليق ، فأمر به فذبح واحتز رأسه ، فوضعوه في طشت ، ثم مضى القاهر والطشت يحمل بين يديه حتى دخل على بليق فوضع الطشت بين يديه ، وفيه رأس ابنه ، فلما رآه بكى ، وأخذه يقبله ويترشفه ، فأمر به القاهر فذبح أيضا ، وجعل رأسه في طشت ، وحمل بين يدي القاهر ، ومضى حتى دخل على مؤنس فوضعهما بين يديه ، فلما رأى الرأسين تشهد ، واسترجع ، ولعن قاتلهما ، فقال القاهر : جروا برجل الكلب الملعون ! فجروه وذبحوه وجعلوا رأسه في طشت ، وأمر فطيف بالرءوس في جانبي بغداذ ، ونودي عليها : هذا جزاء من يخون الإمام ، ويسعى في فساد دولته ، ثم أعيدت ونظفت وجعلت في خزانة الرءوس ، كما جرت العادة .

[ ص: 787 ] وقيل إنه قتل بليقا وابنه مستخف ، ثم ظفر بابنه بعد ذلك ، فأمر به فضرب ، فأقبل ابن بليق على القاهر ، وسبه أقبح سب ، وأعظم شتم ، فأمر به القاهر فقتل ، وطيف برأسه في جانبي بغداذ ، ثم أرسل إلى ابن يعقوب النوبختي ، وهو في مجلس وزيره محمد بن القاسم ، فأخذه وحبسه ، ورأى الناس من شدة القاهر ما علموا معه أنهم لا يسلمون من يده ، وندم كل من أعانه من سبك ، والساجية ، والحجرية ، حيث لم ينفعهم الندم .

التالي السابق


الخدمات العلمية