الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ملك يعقوب نيسابور

وفيها ، في شوال ، دخل يعقوب بن الليث نيسابور ، وكان سبب مسيره إليها أن عبد الله السجزي كان ينازع يعقوب بسجستان ، فلما قوي عليه يعقوب هرب منه إلى محمد بن طاهر ، فأرسل يعقوب يطلب من ابن طاهر أن يسلمه إليه فلم يفعل ، فسار نحوه إلى نيسابور ، فلما قرب منها ، وأراد دخولها ، وجه محمد بن طاهر يستأذنه في تلقيه ، فلم يأذن له ، فبعث بعمومته وأهل بيته فتلقوه .

ثم دخل نيسابور في شوال ، فركب محمد بن طاهر ، فدخل إليه في مضربه ، فساءله ، ثم وبخه على تفريطه في عمله ، وقبض على محمد بن طاهر ، وأهل بيته ، واستعمل على نيسابور ، وأرسل إلى الخليفة يذكر تفريط محمد بن طاهر في عمله ، وأن أهل خراسان سألوه المسير إليهم ، ويذكر غلبة العلويين على طبرستان ، وبالغ في هذا المعنى ، فأنكر عليه ذلك ، وأمر بالاقتصار على ما أسند إليه ، وألا يسلك معه مسلك المخالفين .

وقيل كان سبب ملك يعقوب نيسابور ما ذكرناه سنة سبع وخمسين [ ومائتين ] من ضعف محمد بن طاهر أمير خراسان ، فلما تحقق يعقوب ذلك ، وأنه لا يقدر على الدفع سار إلى نيسابور ، وكتب إلى محمد بن طاهر يعلمه أنه قد عزم على قصد طبرستان ليمضي ما أمره الخليفة في الحسن بن زيد المتغلب عليها ، وأنه لا يعرض لشيء من عمله ، ولا لأحد من أسبابه .

وكان بعض خاصة محمد بن طاهر ، وبعض أهله لما رأوا إدبار أمره مالوا إلى يعقوب ، فكاتبوه ، واستدعوه ، وهونوا على محمد أمر يعقوب ( من نيسابور ) ، فأعلموه أنه لا خوف عليه منه ، وثبطوه عن التحرز منه ، فركن محمد إلى قولهم ، حتى قرب [ ص: 311 ] يعقوب من نيسابور ، فوجه إليه قائدا من قواده يطيب قلبه ، وأمره بمنعه عن الانتزاح عن نيسابور إن أراد ذلك .

ثم وصل يعقوب إلى نيسابور رابع شوال وأرسل أخاه عمرو بن الليث إلى محمد بن طاهر ، فأحضره عنده ، فقبض عليه وقيده ، وعنفه عن إهماله عمله ، وعجزه عن حفظه ، ثم قبض على جميع أهل بيته ، وكانوا نحوا من مائة وستين رجلا ، وحملهم إلى سجستان ، واستولى على خراسان ، ورتب في الأعمال نوابه .

وكانت ولاية محمد بن طاهر إحدى عشرة سنة وشهرين وعشرة أيام .

التالي السابق


الخدمات العلمية