الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2373 حدثني زهير بن حرب وأبو بكر بن النضر قالا حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال استب رجلان رجل من اليهود ورجل من المسلمين فقال المسلم والذي اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم على العالمين وقال اليهودي والذي اصطفى موسى عليه السلام على العالمين قال فرفع المسلم يده عند ذلك فلطم وجه اليهودي فذهب اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أم كان ممن استثنى الله وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وأبو بكر بن إسحق قالا أخبرنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود بمثل حديث إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب وحدثني عمرو الناقد حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد لطم وجهه وساق الحديث بمعنى حديث الزهري غير أنه قال فلا أدري أكان ممن صعق فأفاق قبلي أو اكتفى بصعقة الطور [ ص: 515 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 515 ] قوله : ( ممن استثنى الله تعالى ) يدل على أنه كان حيا ، ولم يأت أن موسى رجع إلى الحياة ، ولا أنه حي كما جاء في عيسى ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق ) قال القاضي : يحتمل أن هذه الصعقة صعقة فزع بعد البعث حين تنشق السموات والأرض ، فتنتظم حينئذ الآيات والأحاديث ، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم : " فأفاق " لأنه إنما يقال : أفاق من الغشي ، وأما الموت فيقال : بعث منه ، وصعقة الطور لم تكن موتا .

                                                                                                                وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فلا أدري أفاق قبلي ) فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم قاله قبل أن يعلم أنه أول من تنشق عنه [ ص: 516 ] الأرض إن كان هذا اللفظ على ظاهره ، وأن نبينا صلى الله عليه وسلم أول شخص تنشق عنه الأرض على الإطلاق قال : ويجوز أن يكون معناه أنه من الزمرة الذين هم أول من تنشق عنهم الأرض ، فيكون موسى من تلك الزمرة ، وهي والله أعلم زمرة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم . هذا آخر كلام القاضي . قوله صلى الله عليه وسلم : ( ولا أقول : إن أحدا أفضل من يونس بن متى ) وفي رواية : ( إن الله تعالى قال : لا ينبغي لعبد لي يقول : أنا خير من يونس بن متى ) وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما ينبغي لعبد أن يقول : أنا خير من يونس بن متى ) قال العلماء : هذه الأحاديث تحتمل وجهين : أحدهما أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا قبل أن يعلم أنه أفضل من يونس ، فلما علم ذلك قال : أنا سيد ولد آدم ، ولم يقل هنا إن يونس أفضل منه أو من غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم .

                                                                                                                والثاني أنه صلى الله عليه وسلم قال زجرا عن أن يتخيل أحد من الجاهلين شيئا من حط مرتبة يونس صلى الله عليه وسلم من أجل ما في القرآن العزيز من قصته .

                                                                                                                قال العلماء : وما جرى ليونس صلى الله عليه وسلم لم يحطه من النبوة مثقال ذرة . وخص يونس بالذكر لما ذكرناه من ذكره في القرآن بما ذكر .




                                                                                                                الخدمات العلمية