الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( السادس ) قال ابن معلى : ينبغي للمرء أن لا يقدم على ما يتساهل فيه الناس من السفر مع الكفرة فإنه دائر بين التحريم والكراهة وما ذكره ابن العربي في أحكامه من إباحة السفر معهم لمجرد التجارة خلاف المذهب انتهى . قال البرزلي : جرت العادة عندنا اليوم بالسفر في مراكب النصارى وربما يكون الاستيلاء لهم وربما قدروا فكان شيخنا الإمام ابن عرفة يحكي أنه كالتجارة إلى أرض الحرب وفيها يعني التجارة إلى أرض الحرب ما ذكره المتقدمون من تشديد الكراهة وهل هي جرحة أم لا ؟ قال : والصواب اليوم أنه خلاف في حال [ ص: 518 ] فإن كان أمير تونس قويا يخاف منه النصارى إذا غدروا أو أساءوا العشرة فهو خفيف وإلا كان خطرا وفي عرضة أخرى قال : الصواب أنه خطر ورأيت بعض أهل العلم والفضل سافر معهم ورآها ضرورة لتعذر طريق البر . قال البرزلي : كان يذكر عن القباب أحد فقهاء فاس ، وابن إدريس أحد فقهاء بجاية واشتهر عنهم أنهم من أهل العلم والفضل سافر معهم . وعندي أن هذا من تقابل الضررين فينفى الأصغر للأكبر كما قال عليه السلام فينظر ما يترتب من المفاسد في ركوبه وما يحصل من المنافع الأخروية والدنيوية فكلما عظم المكروه اعتبر ومتى قل انتفى ثم قال عن المازري الذي تقدمت أجوبتي إذا كانت أحكام أهل الكفر جارية على من يدخل بلادهم من المسلمين فإن السفر لا يحل انتهى .

                                                                                                                            وقال الشيخ إبراهيم بن هلال في منسكه إثر كلامه المتقدم : ومن هذا المعنى ما جرت به العادة الآن من السفر في مراكب النصارى على حالهم من كونهم يقدرون أحيانا فكان الشيخ ابن عرفة يقول : إنه كالتجارة إلى أرض الحرب ثم قال أيضا إن كان أمير إفريقية يخاف النصارى منه إذا غدروا أو أساءوا عشرة فهو خفيف وإلا كان خطرا .

                                                                                                                            ( ( قلت ) ) : وللشيخ أبي العباس أحمد القباب في نوازله ما نصه : وأما مركب يكون الحكم فيه للنصارى فيجري الأمر فيه على ما شهر من الخلاف والتفصيل في السفر لأرض العدو . قال : وأكثر الشيوخ على النظر فيما ينال منه فإن كان يؤدي إلى أن يكره على سجود لصنم أو إذلال للإسلام لم يجز وإلا كره . قال : وهذا القدر لم تجر به العادة في مراكبهم لكني رأيت النجاسة فيها لا يتأتى منها التحفظ أصلا وأما شرب الخمر فليس رؤية ذلك فيهم منكرا وأما كشف الصورة فإن كان يكشف عورته ولا يتأتى الركوب إلا بذلك لم يجز ركوبه وإن كان يخشى رؤية عورة غيره فقال : عندي أنه يمكنه التحفظ من ذلك غالبا وإن وقع بصره على شيء منها بغير قصده لم يضره انتهى . وقال القلشاني في شرح قول الرسالة : وتكره التجارة إلى أرض الحرب وبلاد السودان : الكراهة قيل على ظاهرها وقيل على التحريم وفي المدونة وشدد مالك الكراهة في التجارة إلى بلد الحرب بجري أحكام الكفر عليهم قال عياض : إن تحقق جري أحكام المشركين عليهم حرم ويختلف إذا لم يتحقق هل يحرم أو يكره ؟ قاله شيخنا أبو مهدي الغبريني وعليه السفر معهم في مراكبهم يجري على هذا التفصيل قال عياض : وتأول الشيوخ ما وقع له من جواز شهادة التجارة إلى بلاد الحرب فقيل معناه تابوا وقيل غلبتهم الريح وقوله بلاد السودان أي الكفار منهم انتهى .

                                                                                                                            ( السابع ) قول المصنف أو يضيع يصح أن يقرأ بفتح أوله والتخفيف فيكون ثلاثيا من ضاع يضيع وبرفع ركن على الفاعلية أو بضم أوله وتشديد ثالثه فيكون رباعيا من ضيع يضيع وبنصب ركن صلاة على المفعولية والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية