( كفر ) ( هـ س ) فيه : قيل : أراد لابسي السلاح ، يقال : كفر فوق درعه ، فهو كافر ، إذا لبس فوقها ثوبا ، كأنه أراد بذلك النهي عن الحرب . ألا لا ترجعن بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض
وقيل : معناه لا تعتقدوا تكفير الناس ، كما يفعله الخوارج ، إذا استعرضوا الناس فيكفرونهم .
( ه ) ومنه الحديث : لأنه إما أن يصدق عليه أو يكذب ، فإن صدق فهو كافر ، وإن كذب عاد الكفر إليه بتكفيره أخاه المسلم . من قال لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما
[ ص: 186 ] والكفر صنفان : أحدهما الكفر بأصل الإيمان وهو ضده ، والآخر الكفر بفرع من فروع الإسلام ، فلا يخرج به عن أصل الإيمان .
وقيل : الكفر على أربعة أنحاء : كفر إنكار ، بألا يعرف الله أصلا ولا يعترف به .
وكفر جحود ، ككفر إبليس ، يعرف الله بقلبه ولا يقر بلسانه .
وكفر عناد ، وهو أن يعترف بقلبه ويعترف بلسانه ولا يدين به ، حسدا وبغيا ، ككفر أبي جهل وأضرابه .
وكفر نفاق ، وهو أن يقر بلسانه ولا يعتقد بقلبه .
قال الهروي : سئل الأزهري عمن يقول بخلق القرآن : أتسميه كافرا ؟ فقال : الذي يقوله كفر ، فأعيد عليه السؤال ثلاثا ويقول مثل ما قال ، ثم قال في الآخر : قد يقول المسلم كفرا .
( س ) ومنه حديث " قيل له : ابن عباس ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون قال : هم كفرة ، وليسوا كمن كفر بالله واليوم الآخر " .
( س ) ومنه حديثه الآخر : " إن الأوس والخزرج ذكروا ما كان منهم في الجاهلية فثار بعضهم إلى بعض بالسيوف ، فأنزل الله تعالى : وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ولم يكن ذلك على الكفر بالله ، ولكن على تغطيتهم ما كانوا عليه من الألفة والمودة .
ومنه حديث " إذا قال الرجل للرجل : أنت لي عدو ، فقد كفر أحدهما بالإسلام " أراد كفر نعمته ؛ لأن الله ألف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانا ، فمن لم يعرفها فقد كفرها . ابن مسعود
ومنه الحديث " من ترك قتل الحيات خشية النار فقد كفر " أي كفر النعمة ، وكذلك : ( هـ ) الحديث الآخر : . من أتى حائضا فقد كفر
وحديث الأنواء : أي : كافرين بذلك دون غيره ، حيث ينسبون المطر إلى النوء دون الله . إن الله ينزل الغيث فيصبح قوم به كافرين ، يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا
[ ص: 187 ] ( س ) ومنه الحديث : أي يجحدن إحسان أزواجهن . فرأيت أكثر أهلها النساء ، لكفرهن ، قيل : أيكفرن بالله ؟ قال : لا ، ولكن يكفرن الإحسان ، ويكفرن العشير
والحديث الآخر : . سباب المسلم فسوق وقتاله كفر
( س ) " " . ومن رغب عن أبيه فقد كفر
( س ) " " . ومن ترك الرمي فنعمة كفرها
وأحاديث من هذا النوع كثيرة .
وأصل الكفر : تغطية الشيء تغطية تستهلكه .
( س ) وفي حديث الردة : " وكفر من كفر من العرب " أصحاب الردة كانوا صنفين : صنف ارتدوا عن الدين ، وكانوا طائفتين : إحداهما أصحاب مسيلمة والأسود العنسي الذين آمنوا بنبوتهما ، والأخرى طائفة ارتدوا عن الإسلام ، وعادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية ، وهؤلاء اتفقت الصحابة على قتالهم وسبيهم ، واستولد علي من سبيهم أم محمد ابن الحنفية ، ثم لم ينقرض عصر الصحابة حتى أجمعوا على أن المرتد لا يسبى .
والصنف الثاني من أهل الردة لم يرتدوا عن الإيمان ولكن أنكروا فرض الزكاة ، وزعموا أن الخطاب في قوله تعالى : خذ من أموالهم صدقة خاص بزمن النبي عليه الصلاة والسلام ، ولذلك اشتبه على عمر قتالهم ؛ لإقرارهم بالتوحيد والصلاة . وثبت أبو بكر على قتالهم لمنع الزكاة فتابعه الصحابة على ذلك ؛ لأنهم كانوا قريبي العهد بزمان يقع فيه التبديل والنسخ ، فلم يقروا على ذلك ، وهؤلاء كانوا أهل بغي ، فأضيفوا إلى أهل الردة حيث كانوا في زمانهم ، فانسحب عليهم اسمها ، فأما ما بعد ذلك ، فمن أنكر فرضية أحد أركان الإسلام كان كافرا بالإجماع .
ومنه الحديث : " لا تكفر أهل قبلتك " أي : لا تدعهم كفارا ، أو لا تجعلهم كفارا بقولك وزعمك .
ومنه حديث عمر : " ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ، ولا تمنعوهم حقهم فتكفروهم " لأنهم ربما ارتدوا إذا منعوا عن الحق .
[ ص: 188 ] ( س ) وفي حديث سعيد " ومعاوية كافر بالعرش " ؛ أي : قبل إسلامه . تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
والعرش : بيوت مكة .
وقيل : معناه أنه مقيم مختبئ بمكة ، لأن التمتع كان في حجة الوداع بعد فتح مكة ، ومعاوية أسلم عام الفتح .
وقيل : هو من التكفير : الذل والخضوع .
( س ) وفي حديث عبد الملك : " كتب إلى الحجاج : من أقر بالكفر فخل سبيله " أي : بكفر من خالف بني مروان وخرج عليهم .
ومنه حديث الحجاج : " عرض عليه رجل من بني تميم ليقتله فقال : إني لأرى رجلا لا يقر اليوم بالكفر ، فقال : عن دمي تخدعني ! إني أكفر من حمار " حمار : رجل كان في الزمان الأول ، كفر بعد الإيمان ، وانتقل إلى عبادة الأوثان ، فصار مثلا .
( هـ ) وفي حديث القنوت : " واجعل قلوبهم كقلوب نساء كوافر " الكوافر : جمع كافرة يعني في التعادي والاختلاف ، والنساء أضعف قلوبا من الرجال ، لا سيما إذا كن كوافر .
( هـ ) وفي حديث الخدري : أي : تذل وتخضع . إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر للسان
والتكفير : هو أن ينحني الإنسان ويطأطئ رأسه قريبا من الركوع ، كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه .
( س ) ومنه حديث عمرو بن أمية : " والنجاشي رأى الحبشة يدخلون من خوخة مكفرين ، فولاه ظهره ودخل " .
( س ) ومنه حديث أبي معشر : " أنه كان يكره التكفير في الصلاة " وهو الانحناء الكثير في حالة القيام قبل الركوع .
* وفي حديث قضاء الصلاة : " " . كفارتها أن تصليها إذا ذكرتها
[ ص: 189 ] وفي رواية : " " . لا كفارة لها إلا ذلك
قد تكرر ذكر : " الكفارة " في الحديث اسما وفعلا مفردا وجمعا ، وهي عبارة عن الفعلة والخصلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة ؛ أي : تسترها وتمحوها ، وهي فعالة للمبالغة ، كقتالة وضرابة ، وهي من الصفات الغالبة في باب الاسمية .
ومعنى حديث قضاء الصلاة أنه لا يلزمه في تركها غير قضائها ؛ من غرم أو صدقة أو غير ذلك ، كما يلزم المفطر في رمضان من غير عذر ، والمحرم إذا ترك شيئا من نسكه ، فإنه تجب عليهما الفدية .
( هـ ) ومنه الحديث : " المؤمن مكفر " أي : مرزأ في نفسه وماله ؛ لتكفر خطاياه .
وفيه : " لا تسكن الكفور ، فإن ساكن الكفور كساكن القبور " قال الحربي : الكفور : ما بعد من الأرض عن الناس ، فلا يمر به أحد ، وأهل الكفور عند أهل المدن ، كالأموات عند الأحياء ، فكأنهم في القبور ، وأهل الشام يسمون القرية الكفر .
ومنه الحديث : عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده كفرا كفرا فسر بذلك أي : قرية قرية .
* ومنه حديث : " لتخرجنكم أبي هريرة الروم منها كفرا كفرا " .
( هـ ) ومنه حديث معاوية : " أهل الكفور هم أهل القبور " أي : هم بمنزلة الموتى لا يشاهدون الأمصار والجمع والجماعات .
وفيه : " أنه كان اسم كنانة النبي عليه الصلاة والسلام الكافور " تشبيها بغلاف الطلع وأكمام الفواكه ؛ لأنها تسترها ، وهي فيها كالسهام في الكنانة .
وفي حديث الحسن : " هو الطبيع في كفراه " الطبيع : لب الطلع ، وكفراه - بالضم وتشديد الراء وفتح الفاء وضمها مقصور - : هو وعاء الطلع وقشره الأعلى ، وكذلك كافوره .
وقيل : هو الطلع حين ينشق ، ويشهد للأول قوله في الحديث : " قشر الكفرى " .