الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال الشافعي ) وإذا خرجت سرية من عسكر فغنمت غنيمة فالأمر فيها كما وصفت في الجيش في بلاد العدو .

( قال الشافعي ) فإن ساق صاحب الجيش ، أو السرية سبيا ، أو خرثيا ، أو غير ذلك فأدركه العدو فخاف أن يأخذوه منه ، أو أبطأ عليه بعض ذلك فالأمر الذي لا أشك فيه أنه إن أراد قتل البالغين من الرجال قتلهم وليس له قتل من لم يبلغ ، ولا قتل النساء منهم ، ولا عقر الدواب ، ولا ذبحها ، وذلك أني إنما وجدت الدلالة من كتاب الله عز وجل ، ثم سنة النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يختلف أهل العلم فيه عندنا أنه إن ما أبيح قتله من ذوات الأرواح من البهائم فإنما أبيح أن يذبح إذا قدر على ذبحه ليؤكل ، ولا يقتل بغير الذبح والنحر الذي هو مثل الذبح ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تصير البهائم وهي أن ترمى بعدما تؤخذ وأبيح ما امتنع منها بما نيل به من سلاح لأحد معنيين أن يقتل ليؤكل وتلك ذكاته ; لأنه لا يقدر من ذكاته على أكثر من ذلك أما قتل ما لا يؤكل لضرره وأذاه ; لأنه في معاني الأعداء ، أو الحوت أو الجراد فإن قتله ذكاته ، وهو يؤكل بلا ذكاة ، وأما ما سوى ذلك فلا أجده أبيح .

( قال الشافعي ) وقد قيل : تذبح خيلهم وتعقر ويحتج بأن جعفرا عقر عند الحرب ، ولا أعلم ما روي عن جعفر من ذلك ثابتا لهم موجودا عند عامة أهل المغازي ، ولا ثابتا بالإسناد المعروف المتصل فإن كان من قال : هذا إنما أراد غيظ المشركين لما في غيظهم من أن يكتب به عمل صالح فذلك فيما أغيظوا به مما أبيح لنا ، وكذلك إن أراد توهينهم ، وذلك أنا نجد مما يغيظهم ويوهنهم ما هو محظور علينا غير مباح لنا فإن قال : قائل وما ذلك ؟ قلنا قتل أبنائهم ونسائهم ، ولو قتلوا كان أغيظ وأهون لهم ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقتل ذوي الأرواح بغير وجهه عذاب فلا يجوز عندي لغير معنى ما أبيح من أكله وإطعامه ، أو قتل ما كان عدوا منه .

( قال الشافعي ) فأما ما لا روح فيه من أموالهم فلا بأس بتحريقه وإتلافه بكل وجه ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حرق أموال بني النضير وعقر النخل بخيبر والعنب بالطائف ، وإن تحريق هذا ليس بتعذيب له ; لأنه لا يألم بالتحريق إلا ذو روح ، وهذا مكتوب في [ ص: 149 ] غير هذا الموضع .

( قال الشافعي ) ولو كان رجل في الحرب فعقر رجل فرسه رجوت أن لا يكون له بأس ; لأن ذلك ضرورة ، وقد يباح في الضرورات ما لا يباح في غير الضرورات .

التالي السابق


الخدمات العلمية