الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقيل ( لا عوج له ) في موضع وصف لمنعوت محذوف أي اتباعا ( لا عوج له ) فيكون الضمير في ( له ) عائدا على ذلك المصدر المحذوف . وقال ابن عطية يحتمل أن يريد به الإخبار أي لا شك فيه ، ولا يخالف وجوده خبره ويحتمل أن يريد لا محيد لأحد عن اتباعه ، والمشي نحو صوته والخشوع التطامن والتواضع وهو في الأصوات استعارة بمعنى الخفاء . والاستسرار للرحمن أي لهيبة الرحمن وهو مطلع قدرته . وقيل هو على حذف مضاف أي وخشع أهل الأصوات والهمس الصوت الخفي الخافت ، ويحتمل أن يريد بالهمس المسموع تخافتهم بينهم وكلامهم السر ، ويحتمل أن يريد صوت الأقدام وأن أصوات النطق ساكنة .

وقال الزمخشري : ( إلا همسا ) وهو الركز الخفي ومنه الحروف المهموسة . وقيل : هو من همس الإبل وهو صوت أخفافها إذا مشت ، أي لا يسمع إلا خفق الأقدام ونقلها إلى المحشر . انتهى .

وعن ابن عباس وعكرمة وابن جبير : الهمس وطء الأقدام ، واختاره الفراء والزجاج . وعن ابن عباس أيضا تحريك الشفاه بغير نطق ، وعن مجاهد : الكلام الخفي ويؤيده قراءة أبي ( فلا ينطقون إلا همسا ) وعن أبي عبيدة الصوت الخفي يومئذ بدل من ( يومئذ يتبعون ) أو يكون التقدير يوم إذ ( يتبعون ) ويكون منصوبا بلا تنفع و ( من ) مفعول بقوله ( لا تنفع ) و ( له ) معناه لأجله وكذا في ورضي له أي لأجله ، ويكون من للمشفوع له أو بدل من الشفاعة على حذف مضاف أي إلا شفاعة من أذن له أو منصوب على الاستثناء على هذا التقدير ، أو استثناء منقطع فنصب على لغة الحجاز ، ورفع على لغة تميم ، ويكون ( من ) في هذه الأوجه للشافع والقول المرضي عن ابن عباس : لا إله إلا الله .

والظاهر أن الضمير في ( أيديهم وما خلفهم ) عائد على الخلق المحشورين وهم متبعو الداعي . وقيل : يعود على الملائكة . وقيل : على الناس لا بقيد الحشر والاتباع ، وتقدم تفسير هذه الجملة في آية الكرسي في البقرة ، والضمير في ( به ) عائد على ( ما ) أي ( ولا يحيطون ) بمعلوماته ( علما ) والظاهر عموم ( الوجوه ) أي وجوه الخلائق ، وخص ( الوجوه ) لأن آثار الذل إنما تظهر في أول ( الوجوه ) . وقال طلق بن حبيب : المراد سجود الناس على الوجوه والآراب السبعة ، فإن كان روى أن هذا يكون يوم القيامة فتكون الآية إخبارا عنه ، واستقام المعنى وإن كان أراد في الدنيا فليس ذلك بملائم للآيات التي قبلها وبعدها . وقال الزمخشري : المراد بالوجود وجوه العصاة وأنهم إذا عاينوا يوم القيامة الخيبة والشقوة وسوء الحساب صارت وجوههم عانية أي ذليلة خاضعة مثل وجوه العناة وهم الأسارى ونحوه [ ص: 281 ] ( فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا ) ( ووجوه يومئذ باسرة ) و ( القيوم ) تقدم الكلام عليه في البقرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية