الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 209 ] ذكر ملك الفرنج مدينة عسقلان

في هذه السنة ملك الفرنج بالشام مدينة عسقلان ، وكانت من جملة مملكة الظافر بالله العلوي المصري ، وكان الفرنج كل سنة يقصدونها ويحصرونها ، فلا يجدون إلى ملكها سبيلا ، وكان الوزراء بمصر لهم الحكم في البلاد ، والخلفاء معهم اسم لا معنى تحته ، وكان الوزراء كل سنة يرسلون إليها من الذخائر والأسلحة والأموال والرجال من يقوم بحفظها . فلما كان في هذه السنة قتل ابن السلار الوزير ، على ما ذكرناه ، واختلفت الأهواء في مصر ، وولي عباس الوزارة ، وإلى أن استقرت قاعدة ، اغتنم الفرنج اشتغالهم عن عسقلان ، فاجتمعوا وحصروها ، فصبر أهلها ، وقاتلوهم قتالا شديدا ، حتى إنهم بعض الأيام قاتلوا خارج السور ، وردوا الفرنج إلى خيامهم مقهورين ، وتبعهم أهل البلد إليها فأيس حينئذ الفرنج من ملكه .

فبينما هم على عزم الرحيل إذ قد أتاهم الخبر أن الخلف قد وقع بين أهله ، وقتل بينهم قتلى ، فصبروا ، وكان سبب هذا الاختلاف أنهم لما عادوا عن قتال الفرنج قاهرين منصورين ، ادعى كل طائفة منهم أن النصرة من جهتهم كانت ، وأنهم هم الذين ردوا الفرنج خاسرين ، فعظم الخصام بينهم إلى أن قتل من إحدى الطائفتين قتيل ، واشتد الخطب حينئذ ، وتفاقم الشر ، ووقعت الحرب بينهم ، فقتل بينهم قتلى ، فطمع الفرنج ، وزحفوا إليه وقاتلوا عليه ، فلم يجدوا من يمنعهم فملكوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية