الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وفاة السلطان سنجر

في هذه السنة ، في ربيع الأول توفي السلطان سنجر بن ملكشاه بن ألب أرسلان ، أبو الحرث ، أصابه قولنج ، ثم بعده إسهال ، فمات منه ومولده سنجار ، من ديار الجزيرة ، في رجب سنة تسع وسبعين وأربعمائة ، وسكن خراسان ، واستوطن مدينة مرو ، ودخل بغداد مع أخيه السلطان محمد ، واجتمع معه بالخليفة المستظهر بالله ، فعهد إلى محمد بالسلطنة وجعل سنجر ولي عهد .

فلما مات محمد ، خوطب سنجر بالسلطان ، واستقام أمره ، وأطاعه السلاطين وخطب له على أكثر منابر الإسلام بالسلطنة نحو أربعين سنة ، وكان قبلها يخاطب بالملك عشرين سنة ، ولم يزل أمره عاليا وجده متراقيا إلى أن أسره الغز على ما [ ص: 241 ] ذكرناه ، ثم إنه خلص بعد مدة وجمع إليه أطرافه بمرو ، وكاد يعود إليه ملكه ، فأدركه أجله . وكان مهيبا كريما رفيقا بالرعية ، وكانت البلاد في زمانه آمنة .

ولما مات دفن في قبة بناها لنفسه سماها دار الآخرة ; ولما وصل خبر موته إلى بغداد قطعت خطبته ، ولم يجلس له في الديوان للعزاء .

ولما حضر السلطان سنجر الموت استخلف على خراسان الملك محمود بن محمد بن بغراخان ، وهو ابن أخت السلطان سنجر ، فأقام بها خائفا من الغز ، فقصد جرجان يستظهر بها ، وعاد الغز إلى مرو وخراسان ، واجتمع طائفة من عساكر خراسان على أي أبه المؤيد ، فاستولى على طرف من خراسان ، وبقيت خراسان على هذا الاختلال إلى سنة أربع وخمسين [ وخمسمائة ] .

وأرسل الغز إلى الملك محمود بن محمد وسألوه أن يحضر عندهم ليملكوه عليهم ، فلم يثق بهم ، وخافهم على نفسه ، فأرسل ابنه إليهم فأطاعوه مديدة ثم لحق بهم الملك محمود على ما نذكره سنة ثلاث وخمسين [ وخمسمائة ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية