الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وقد آن أن نشرع فيما قصدنا وننجز ما به وعدنا ، ونبدأ برسم لعلم التفسير ، فإني لم أقف لأحد من علماء التفسير على رسم له ) فنقول : التفسير في اللغة الاستبانة والكشف ، قال ابن دريد : ومنه يقال للماء الذي ينظر فيه الطبيب تفسرة ، وكأنه تسمية بالمصدر لأن مصدر فعل جاء أيضا على تفعلة نحو جرب تجربة وكرم تكرمة ، وإن كان القياس في الصحيح من فعل التفعيل كقوله تعالى " وأحسن تفسيرا " ، وينطلق أيضا التفسير على التعرية للانطلاق ، قال ثعلب : تقول : فسرت الفرس عريته لينطلق في حصره ، وهو راجع لمعنى الكشف فكأنه كشف ظهره لهذا الذي يريده منه من الجري . ( وأما الرسم في الاصطلاح ) فنقول : التفسير علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية [ ص: 14 ] ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك ، فقولنا علم هو جنس يشمل سائر العلوم ، وقولنا يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن هذا هو علم القراءات ، وقولنا ومدلولاتها أي مدلولات تلك الألفاظ وهذا هو علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم ، وقولنا ( وأحكامها الإفرادية والتركيبية ) هذا يشمل علم التصريف وعلم الإعراب وعلم البيان وعلم البديع ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب ، شمل بقوله التي ( تحمل عليها ) ما لا دلالة عليه بالحقيقة وما دلالته عليه بالمجاز ، فإن التركيب قد يقتضي بظاهره شيئا ويصد عن الحمل على الظاهر صاد ، فيحتاج لأجل ذلك أن يحمل على غير الظاهر وهو المجاز ، وقولنا ( وتتمات لذلك ) هو معرفة النسخ وسبب النزول وقصة توضح بعض ما انبهم في القرآن ونحو ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية