الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فعل المعصية بعد الحج هل يؤثر على صحته؟

السؤال

حججت العام الماضي، وبعد الحج وقعت فيما يغضب الله من مشاهدة أفلام إباحية على النت؛ نتيجة لضعفي، ونتيجة استدراج الشيطان لي، وقد توقفت تمامًا الآن، وأخي متوفى، وأريد أن أحج عنه، فهل أعيد حجي ثانية ثم أحج عن أخي، أم أحج عن أخي مباشرة؟
وهل وقوع الإنسان بعد الحج في المعاصي، معناه أن الحج لم يقبل؟ حيث إنني قمت بالحج، وأنا مطلّق، وأحس أنه كان ينبغي عليّ الزواج أولًا قبل أن أحج. وشكرًا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فقد كان على السائل أن يبتعد عن المعاصي، ويستمر في طاعة الله تعالى بعد أن منّ الله عليه بأداء فريضة الحج، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: من حج لله، فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه. رواه البخاري.

وحيث إنه ضعف، واستدرجه الشيطان إلى النظر إلى ما حرم الله النظر إليه، فعليه أن يتوب إلى الله تعالى من ذلك توبة صادقة، ويعزم على ألا يعود لمشاهدة تلك الأفلام الهابطة، إلا أن الوقوع في المحرمات بعد انتهاء الحج، لا يؤثر على صحته.

ومن ثم؛ فلا يطالب بإعادته لهذا السبب..

وله أن يحج نيابة عن أخيه المتوفى.

كما أن ارتكابه لتلك المخالفات، ليس دليلًا على أن الحج غير مقبول، إذا توفرت فيه شروط القبول.

وإذا وفق الإنسان للاستقامة بعد الحج، وكانت حاله بعده خيرًا من حاله قبله، كان ذلك دليلًا على أن حجه مبرور، كما قال بعض العلماء.

وما ذكر الأخ السائل من أنه كان ينبغي أن يتزوج أولًا ثم يحج، فإن كان يخاف على نفسه الوقوع في المحرمات، كان عليه أن يتزوج أولًا ثم يحج، وإن لم يخف من ذلك، بأن كانت شهوته معتادة، كان ما قام به من تقديم الحج هو الصواب، قال ابن قدامة في المغني: وإن احتاج إلى النكاح، وخاف على نفسه العنت، قدم التزويج؛ لأنه واجب عليه، ولا غنى به عنه، فهو كنفقته، وإن لم يخف، قدم الحج؛ لأن النكاح تطوع، فلا يقدم على الحج الواجب. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى: 6617، 26411، 34374.

والله أعلم.

خلاصة الفتوى:

تجب عليك التوبة إلى الله تعالى من مشاهدة الأفلام الهابطة، غير أن الوقوع في تلك المحرمات بعد انتهاء الحج، لا يؤثر على صحته، ومن ثم؛ فلا تطالب بإعادته لهذا السبب.

ولك أن تحج نيابة عن أخيك المتوفى، كما أن مجرد ارتكاب تلك المخالفات، ليس دليلًا على أن الحج غير مقبول، إذا توفرت فيه شروط القبول، وإنما يستدل بالاستقامة، والبعد عن المعاصي بعد الحج على أنه حج مبرور.

وما ذكرت من أنه كان ينبغي أن تتزوج قبل الحج، فإن كنت تخاف على نفسك الوقوع في المحرمات، كان عليك تقديم الزواج، وإن لم تخف من ذلك، بأن كانت الشهوة معتادة، كان ما قمت به من تقديم الحج هو الصواب.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة