الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يقترض المتمتع ثمن الهدي أم يصوم عشرة أيام

السؤال

سيدة اقترضت جزءا كبيرا من مصاريف الحج لتحج هذا العام ـ إن شاء الله ـ وتريد أن تحج متمتعة وتسأل: هل تقترض ثمن الهدى أيضا؟ أم تصوم أيام التشريق و7 إذا رجعت؟ وماذا تفعل إذا مرضت في الحج أو جاءتها الدورة أو شق عليها الصوم؟ وهل يصح أن تقترض في الحج إذا تعذر الصوم أو لم تكمل الثلاثة أيام لأي سبب؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب على من حج متمتعا هو الهدي، لقوله تعالى: فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ {البقرة:196}.

ومن ثم فالواجب على تلك المرأة هو أن تذبح الهدي لما تقدم، فإن عجزت عن شراء الهدي، فالواجب عليها بدله وهو صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت إلى بلدها، وأجاز بعض أهل العلم صيام هذه السبعة في الطريق، والأحوط أن لا تصومها إلا إذا رجعت إلى أهلها خروجا من الخلاف، ولا يلزمها أن تقترض إذا كانت عاجزة عن شراء الهدي، قال البهوتي في كشاف القناع: ولا يلزمه أن يقترض ثمن الهدي ولو وجد من يقرضه، لأن الظاهر استمرار إعساره ويعمل بظنه في عجزه عن الهدي، فإن الظاهر من المعسر استمرار إعساره، فلهذا جاز للمعسر الانتقال إلى الصوم قبل زمان الوجوب أي وجوب الصوم. انتهى.

فإذا فاتها صوم الأيام الثلاثة في الحج لعذر كمرض أو حيض لزمها قضاؤها فتصوم عشرة أيام، ولا دم عليها ـ على الراجح ـ قال في مغني المحتاج: وإذا فاته صوم الثلاثة في الحج لزمه قضاؤها ولا دم عليه.

ولا يشترط فيها التتابع ولا التفريق بين صيام الثلاثة والسبعة على الراجح قال في كشاف القناع: ولا يجب تتابع ولا تفريق في صوم الثلاثة ولا في صوم السبعة ولا بين الثلاثة والسبعة إذا قضى الثلاثة أو صامها أيام منى، لأن الأمر ورد بها مطلقا وذلك لا يقتضي جمعا ولا تفريقا.

والأحوط أن يفرق بين صيام الثلاثة والسبعة بأربعة أيام ومدة السير المعتاد خروجا من خلاف من أوجب ذلك من العلماء، وهو الأظهر عند الشافعية، قال الشربيني في الإقناع: ويفرق في قضائها بينها وبين السبعة بقدر أربعة أيام ـ يوم النحر وأيام التشريق ـ ومدة إمكان السير إلى أهله على العادة الغالبة كما في الأداء فلو صام عشرة ولاء حصلت الثلاثة ولا يعتد بالبقية لعدم التفريق. انتهى.

وأما عن وقت صيام الأيام الثلاثة في الحج، فإنه يكون بعد الإحرام بالعمرة وقبل يوم النحر، وفي جواز صوم هذه الأيام في أيام التشريق خلاف بين العلماء، والأحوط ترك ذلك ـ خروجا من الخلاف ـ وإن كان الراجح جواز صوم هذه الأيام الثلاثة في أيام التشريق، قال في كشاف القناع: فإن لم يصم الثلاثة قبل يوم النحر صام أيام منى ـ وهي أيام التشريق ـ لقول ابن عمر وعائشة لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي. رواه البخاري. ولأن الله تعالى أمر بصيام الأيام الثلاثة في الحج ولم يبق من الحج إلا هذه الأيام فتعين فيها الصوم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة