الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

رجل يسأل فضيلتك عن أنه يوم عرفة ذهب للحمام ليبول وكانت الحمامات ضيقة والنجاسة فى أرضها. فخاف أن يتنجس لبس الاحرام فنسي ورفع الرداء من على نصفه العلوى ووضعه على رأسه وتدلى وغطى جزء منه وجهه (أى غطى رأسه ناسيا أنه محظور على المحرم) ثم بال وقبل الاستنجاء تذكر أن المحرم محظور عليه تغطية الرأس لكن كان يبعد الإزار عن العضو حتى لا يتنجس فخاف لو ترك الازار أو حاول تعرية رأسه يتنجس الإزار فما كان منه الا أن استنجى الأول أو أبعد الإزار أولا (لا يتذكر بالضبط ) ثم بعد ذلك قام بتعرية رأسه (أى يوجد فاصل بين تذكر أنه محرم وتعرية الرأس).
هو كان معه احتياطى فى حقيبته فى الخيمة لبس آخر للإحرام لكن لم يرد تنجيس ما يلبس. حتى يكون السؤال واضحا هو عندما تذكر أنه يجب تعرية رأسه لأنه محرم إما استنجى أولا أو أبعد الإزار بطريقة حتى لو حرك يده لتعرية الرأس لا يتنجس الإزار أى أن تعرية الرأس لم تتم مباشرة عند التذكر الا بعد محاولة تجنب تنجيس الإزار:
ماذا عليه الآن؟ هل عليه دم (ذبح شاه توزع لفقراء الحرم) لأنه كان معه لبس احرام فى الخيمة كان يجب العكس يتنجس اللبس ويغير لأن الواجب تعرية الرأس مباشرة؟
سأل شيخا في مكة من الذين يفتون قال له ليس فى ذلك شىء لكن السائل نسى أن يذكر للشيخ أنه كان معه لبس احتياطى فى الخيمة. فربما الفتوى تختلف فما رأى فضيلتك بعد أن رجع لبلده. هو أخذ معه لبس الاحرام الاحتياطى لعرفة ومزدلفة ومنى حتى لو حدث جنابة أو أى شىء يستطيع التغيير فهل هو تصرف خطأ بتقديم المحافظة على لبس الاحرام الذى يلبسه طاهرا على تعرية الرأس كان يجب العكس وماذا عليه الآن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن غطى رأسه حال الإحرام ناسياً فلا شيء عليه على القول المفتى به عندنا، قال في كشاف القناع: إذا غطى المحرم رأسه ثم ذكر ألقاه عن رأسه وليس عليه شيء. انتهى.

فإذا ذكر المحرم أنه ارتكب محظوراً من ستر الرأس أو لبس المخيط أو التطيب لزمه إزالته فوراً ولم تجز له استدامته، قال البهوتي رحمه الله: ويلزمه غسل الطيب وخلع اللباس في الحال. أي بمجرد زوال العذر من النسيان والجهل والإكراه لخبر يعلى بن أمية أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة وعليه جبة وعليه أثر خلوق أو قال أثر صفرة، فقال: يا رسول الله كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ قال: اخلع عنك هذه الجبة واغسل عنك أثر الخلوق أو قال أثر الصفرة واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك. متفق عليه. فلم يأمره بالفدية مع سؤاله عما يصنع، وتأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز فدل ذلك على أنه عذره لجهله والناسي والمكره في معناه (ومتى أخره) أي غسل الطيب وخلع اللباس (عن زمن الإمكان فعليه الفدية) لاستدامة المحظور من غير عذر. انتهى.

وهذا الرجل وإن كان قد استدام ستر رأسه بعد ذكره فلا إثم عليه في ذلك لأنه استدام الستر لحاجة وهي منع تنجس الإزار، وينبغي له أن يفدي فدية ارتكاب المحظور احتياطاً، وهي على التخيير بين صيام ثلاثة أيام وإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو ذبح شاة ، وقد نص الفقهاء على أن من ستر رأسه للحاجة فلا إثم عليه وإنما تلزمه الفدية، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 129205، ولا أثر لوجود ثوب آخر عند هذا الرجل في تغيير ما ذكرنا من الأحكام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة