الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدليل على جمع المغرب والعشاء وقصر العشاء في مزدلفة

السؤال

ما الدليلُ على أن الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ تُصلى قصرا بمزدلفة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا التنبيه إلى أن المغرب تصلى ثلاثا ولا تقصر في سفر ولا حضر. كما ننبه إلى أن الجمع والقصر بالمزدلفة قد اختلف أهل العلم هل سببه السفر أو سببه النسك، فعلى القول بكون سببه السفر فإن أهل مكة لا يجمعون ولا يقصرون بمزدلفة، وقد رجح الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- أن سبب هذا الجمع هو السفر، ولكن مذهبه -رحمه الله- أن المسافة المبيحة للترخص برخص السفر من القصر والفطر والجمع ونحوها لا تقدر بمسافة معينة، وإنما يرجع في ضبطها إلى العرف، كما تقدم في الفتوى رقم: 136550.

ونحن نسوق لك نص كلامه في الجمع والقصر في المزدلفة لما فيه من التفصيل والفائدة.

قال العلامة العثيمين في مجموع الفتاوى: أما بالنسبة للمكي إذا حج فإن الذين يقدرون السفر بالمسافة لا يرون له جمعا ولا قصرا كالإمام أحمد والشافعي- رحمهما الله- ولهذا لا يجوزون للحاج المكي أن يقصر أو يجمع، لكن القول الراجح أن السفر لا يتقيد بالمسافة، وإنما يتقيد بالعرف والتأهب له، فما تأهب الناس له وشدوا الرحل إليه فهو سفر، وعلى هذا القول فإنه يجوز للمكي أن يقصر ويجمع إذا حج، ويدل لهذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد حج معه أهل مكة ولم يأمرهم بالإتمام، ولما فتح مكة وصار يصلي بهم في مكة كان يأمرهم بالإتمام، ويقول: "أتموا يا أهل مكة فإنا قوم سفر" . وعلى هذا فنقول: إن مذهب الإمام أحمد- رحمه الله- على المشهور عنه والشافعي- رحمه الله- أن المكيين لا يجمعون ولا يقصرون في منى وفي عرفة وفي مزدلفة، وأما على القول الثاني الذي رجحناه فإن الإنسان إذا كان في مزدلفة أو في عرفة يكون في مكان منفصل عن مكة فيترخص برخص السفر. انتهى.

وفي خصوص ما سألت عنه، فالدليل هو ما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في صحيح البخاري: حج عبد الله رضي الله عنه، فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبا من ذلك، فأمر رجلا فأذن وأقام، ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى، ثم أمر- أرى فأذن وأقام - قال عمرو: لا أعلم الشك إلا من زهير -، ثم صلى العشاء ركعتين، فلما طلع الفجر قال: «إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة، في هذا المكان من هذا اليوم» قال عبد الله: " هما صلاتان تحولان عن وقتهما: صلاة المغرب بعد ما يأتي الناس المزدلفة، والفجر حين يبزغ الفجر، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله. انتهى.

وفي صحيح مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، صَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَالْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ.

وراجع المزيد في الفتوى رقم: 71389.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة