الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المرأة الكبيرة التي تُصرع إذا أُجهِدت هل يجب عليها الحج

السؤال

أريد فتوى بخصوص أمي جزاكم الله خيرا فهي تعاني من ارتفاع الضغط ومن مرض أعصاب، وتعاني أيضا من مرض الصرع وإذا لا قدر الله تعبت أعصابها من ضوضاء أو من أي موضوع أو زعلت من شيء تأتيها نوبة صرع مباشرة وتفقد الوعي لثلاثين دقيقة تقريبا، وتعض لسانها دائما أثناء النوبة وأحيانا تأتيها النوبة فجأة وتسقط على الأرض.
أريد السؤال: هل أمي معذورة إذا لم تذهب إلى الحج لأنه وكما تعلمون وخاصة هذه السنة كان عدد الحجاج إلى بيت الله الحرم ما يقارب 4 ملايين حاج وأبي متخوف جدا من اصطحابها إلى بيت الله الحرام وهو يرفض الفكرة تماما رفضا قاطعا وعلّل ذلك أنه ومع مشقة الحج والطواف ستأتيها نوبة صرع كل يوم، فأمي تتعب جدا من المشي حتى من المشي لمدة 10 دقائق وتبدأ باللهاث وستفقد الوعي في الحرم فنحن أولادها ونعلم حالتها جيدا وستداس بالأقدام لأعداد الحجاج المهولة في موسم الحج ولن يستطيع أبي مساعدتها آنذاك لتدافع الحجاج. فهل يعتبر جيدا أن نجعلها تعتمر كل سنتين أو ثلاثة لأننا من الأردن ولسنا من السعودية وهل نعتبر غير بارين بها إذا لم نسمح لها بالحج؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كانت والدتكم -شفاها الله- لا تملك من المال ما تحج به فالحج غير واجب عليها أصلا، ولا يجب على أبيكم إحجاجها من ماله، ولا يجب استنابة من يحج عنها كذلك، وأنتم مأجورون على السفر بها إلى العمرة إن كان ذلك لا يضر بها، وعدم سماحكم لها بالحج والحال ما ذكر لا ينافي البر بل هو من البر بها لما فيه من النظر في مصلحتها بدفع ما فيه مضرتها.

وأما إن كانت والدتكم تملك من المال ما تحج به وكان الحال ما ذكرتم من أن سفرها إلى الحج يشق عليها مشقة بالغة ويضر بها على النحو المذكور فإن كان هذا المرض يرجى زواله فإنها تنتظر حتى تشفى بإذن الله ثم تحج، وإن كان لا يرجى زواله فيجب أن تستنيب من يحج عنها بشرط أن يكون النائب قد حج عن نفسه، لما رواه البخاري و مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة من خثعم فقالت: : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: رجل مريض بمرض الصرع منذ ثلاث عشرة سنة ويستعمل دواء يمنع بقدرة الله تعالى حدوث نوبة الصرع، ولكن إذا تعب وأجهد حدث له الصرع فهل يجوز له أن يوكل أحدا يحج عنه ؟ أم يحج ويتحمل؟

فأجاب : إذا كان هذا لا يرجى أن يزول، فليوكل من يحج ويعتمر عنه إن كان عنده مال . وإن لم يكن عنده مال فالحج غير واجب عليه . أما إذا كان يرجى زواله باستمرار الدواء فلينتظر حتى يشفيه الله. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة