اكتئاب وألم في الرأس وتشوش وانحراف في الرؤية، فما الحل؟

0 4

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لقد بدأت مشكلاتي الصحية منذ سنة، عندما كنت أمارس إحدى الرياضات، فأصبت في ركبتي، مما اضطرني إلى الخضوع للجراحة والعلاج لمدة أشهر، ولم أستطع العودة إلى ممارسة الرياضة مجددا، وهذا أدى إلى إصابتي بشيء من الاكتئاب، والحزن، واسودت الدنيا في عيني، وأصبحت كثير العصبية، والإجهاد الذهني؛ مما ولد لدي ألما في الجهة اليسرى من الرأس، وألما في العين اليسرى، وهي على حد علمي تشبه الشقيقة، واستمر الألم لثلاثة أشهر، فذهبت إلى الطبيب، وشخص حالتي بأنها ألم عصبي، ووصف لي دواءا مسكنا لألم الرأس، ومركبات هذا الدواء (الحبة) هي: بروبيفينازون، وبارسيتامول، وكافيين.

وفعلا -بفضل الله- تحسنت، وزال الألم لمدة 3 أشهر، ثم عاد الألم في رمضان الفائت، وتحملت الألم طيلة رمضان، وبعد رمضان بأسبوعين، عدت إلى أخذ الدواء الذي ذكرته لمدة ثلاثة أيام، فذهب الألم إلى قبل تاريخ هذه الرسالة بأسبوع، ثم عاد الألم بصورة بسيطة، ولكن الإضافة الجديدة هي تشوش في الرؤية، مع حرقة في العينين منذ يومين من هذا التاريخ، ولم أكن أشكو في حياتي من أي شيء في عيوني.

فذهبت إلى طبيب العيون، فقال لي: بأن نظري سليم، غير أن لدي انحرافا في العين اليسرى بمقدار درجة، وفي اليمنى مثلها، وأعطاني قطرة مرطبة للعين، وقال بأنني أحتاج إلى نظارة، ولكنني قلت له: إن هذا التشوش حدث منذ يومين، ولا أريد أن أضع النظارات، فقال لي: جرب بدون نظارات، وراجعني بعد شهر.

وهنا أذكر أنه قبل أن تحدث معي مشاكل العيون كنت أمر بأوقات عصيبة، وأصبحت أعمل في الليل، وأنام في النهار، وأجلس أمام الكمبيوتر لساعات طويلة، وأنا في حالة من القلق، وعملي يجهد العينين.

وأسئلتي لسيادتكم بعد أن وضحت كل شيء:

1- ماذا أفعل من أجل الاكتئاب، وما يرافقه من أفكار تعرفونها؟

2- ما هذا الألم الذي يأتيني في الرأس، ويذهب فترة ويعود؟

3- ما سبب التشوش المفاجى في الرؤية، وما سبب الانحراف؟ وهل يمكن أن يكون إجهاد العينين أدى إلى حدوث خطأ في قياس الانحراف، وأني أحتاج إلى الراحة فقط؟

4- وإذا كان هناك انحراف، ولم أضع النظارات، فما هي المضاعفات؟

وأخيرا: أعذروني على طول رسالتي، وأرجو أن تجيبوا على رسالتي؛ فأنا بحاجة لمشورتكم وعونكم، "فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".

وأنا بانتظار ردكم بارك الله بكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ABD ALKADR حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الاكتئاب النفسي بالطبع له عدة مسببات، وهناك آليات متوفرة -والحمد لله تعالى- للعلاج بدرجة كبيرة، ومن أهم وسائل العلاج هي:

أن يبني الإنسان مفاهيم صحيحة وأفكارا إيجابية عن الاكتئاب النفسي، وكذلك القلق النفسي، وهي أن هذه الحالات هي حالات مرضية تصيب الناس، وهي مثل الأمراض الأخرى: كالسكر، وضغط الدم، وربما تكون هي أخف من هذه الأمراض، وفي بعض الأحيان تكون هنالك أسباب، وفي أحيان أخرى لا تكون هنالك أسباب.

ومن أهم وسائل التفكير السلوكي الإيجابي: هي أن يبني الإنسان دائما صورة حسنة عن نفسه، وأن يكون متفائلا، وأن يتذكر إيجابياته، وإنجازاته، ويسعى لتطوير ذاته؛ فهي تقضي على الفكر السلبي؛ لأن الفكر المعرفي السلبي تربة خصبة جدا لأن يترعرع فيها الاكتئاب النفسي.

ومن الوسائل الطيبة والجيدة أيضا للقضاء على الاكتئاب النفسي: أن يدير الإنسان وقته بصورة فعالة، وأن يكون مفيدا لنفسه ولغيره، وأن يطور مهاراته الاجتماعية، أن يتواصل مع الآخرين، وأن تكون له رفقة وقدوة حسنة، ولا شك أن الحفاظ على الصلاة في جماعة، والتعرف على الخيرين والطيبين، وحضور حلقات التلاوة؛ هذه كلها دعائم اجتماعية ممتازة جدا للقضاء على الاكتئاب النفسي، ولا شك أن التوكل والدعاء يجب أن يكون في أسبقيات الجدول الترتيبي لكل مسلم، فهي -إن شاء الله- مفاتيح خيري الدنيا والآخرة.

والاكتئاب أيضا يعالج بصورة جيدة عن طريق الأدوية، وأنا حقيقة أرى أن هنالك مؤشرات وعلامات كثيرة تدل أن الأدوية سوف تساعدك كثيرا، وهذا الألم الذي ينتابك في الرأس ويذهب فترة ويعود، إذا لم توجد حالة عضوية حقيقية في العين فأنا أعتقد أن هذا الألم سببه القلق النفسي؛ لأن القلق النفسي –والذي كثيرا ما يكون مصاحبا للاكتئاب– يؤدي إلى انقباضات عضلية، وهذه الانقباضات العضلية تظهر في شكل شد عضلي، وكذلك تظهر في شكل ألم، وأكثر العضلات التي تتأثر بالقلق النفسي هي عضلات الرأس والصدر، وأسفل الظهر، والقولون، وهذه كثيرا ما تظهر في شكل أعراض نفسوجسدية، ومن أهمها: الصداع، وألم الرأس الذي يحدث لكثير من الناس.

أعتقد أن الجانب النفسي واضح جدا في حالتك، ولكن لا بد أن تتواصل أيضا مع طبيب العيون؛ للتأكد من أمر هذا الانحراف؛ فربما يكون الأمر بسيطا، وهذا ما أتوقعه.

وبالنسبة للتشويش المفاجئ في الرؤية: فما دام الطبيب قد أكد لك أن النظر لديك سليم، فلا تنس أن القلق نفسه ربما يعطي مثل هذه الانطباعات.

أرى أنك سوف تستفيد كثيرا من الأدوية المضادة للاكتئاب، والقلق، والتوتر، والدواء الذي أريد أن أصفه لك، وأنصحك بتناوله، يعرف تجاريا باسم: (سبرالكس CIPRALEX)، ويعرف علميا باسم: (استالوبرام ESCITALOPRAM).

ابدأ بجرعة خمسة مليجرام –أي نصف حبة من فئة الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام–، تناول هذه الجرعة الصغيرة -وهي جرعة البداية– لمدة عشرة أيام، ويفضل تناولها بعد الأكل، ويمكن أن يكون في المساء، أو في الصباح، وبعد انقضاء العشرة أيام، ارفع الجرعة إلى عشرة مليجرام، وهذه جرعة متوسطة، أرجو أن تستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بجانب السبرالكس، سيكون أيضا من المفيد أن تتناول دواء آخر يعرف تجاريا باسم: (دوجماتيل DOGMATIL)، ويعرف علميا باسم (سلبرايد SULIPRIDE)، وهذا علاج مساعد، وليس أساسيا، ولكنه جيد جدا في علاج مثل الأعراض التي تعاني منها، وجرعته هي: خمسون مليجراما صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم خمسون مليجراما صباحا فقط لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، وهذه الأدوية سليمة، وممتازة، وغير إدمانية، وغير تعودية.

ولا شك أن ممارسة الرياضة ستكون مفيدة بالنسبة لك، فأرجو أن تكون حريصا على ذلك.

ونصيحتي الأخيرة لك هي: أن تتواصل مع طبيب العيون؛ فهو الأقدر والأجدر أن يفيدك في أمر هذا الانحراف.

وبالنسبة للجانب النفسي: التزم بما وجهناه لك من نصائح، وما وصفناه من دواء، وسيجعلك -إن شاء الله- أكثر استرخاء وسعادة، كما أعتقد أن ذلك سوف ينعكس إيجابيا على هذه الأعراض التي تعاني منها، والتي منشؤها العين.

نسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات