هل كسر روتين طفل مصاب بمتلازمة أسبرجر يسبب له التشنج؟

0 5

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي ابنة تبلغ من العمر ثلاث سنوات، وأعتقد أنها قد تكون مصابة بمتلازمة أسبرجر، وذلك لأنها منذ صغرها تبدي اهتماما مفرطا بالتفاصيل الدقيقة بطريقة لافتة، وكنا نعتبر ذلك أمرا إيجابيا ومبكرا يدل على ذكاء، إلى أن رزقنا مؤخرا بمولودة جديدة، فبدأت تظهر سلوكيات صعبة، وتحولت الحياة إلى تحد يومي، لا نعرف كيف نتعامل معه، فقد أصبحت ابنتنا تصر على أن تسير الأمور حسب طقوس معينة غريبة وغير مفهومة، وأي تغيير طفيف يقابل ببكاء شديد وصراخ هستيري.

في أحد المواقف، قررنا عدم الاستجابة لبعض مطالبها، فاستمرت في البكاء المتواصل لمدة يومين تقريبا، وفي صباح اليوم الثالث فوجئنا بتعرضها لنوبة تشنج استمرت قرابة 45 دقيقة، إلى أن وصلنا بها إلى المستشفى، طبيب المخ والأعصاب الذي فحصها استبعد أن تكون النوبة ناتجة عن صرع، وذلك لطول مدة التشنج ووجود أعراض لاحقة غير معتادة، ونصحنا بالتوجه إلى مستشفى الحميات، وهناك تم فحصها لمدة يومين دون أن يجدوا سببا عضويا، خاصة مع عدم وجود حمى، أو ارتفاع في درجة الحرارة.

الآن -بحمد الله- مرت فترة طويلة دون تكرار نوبات التشنج، لكننا لا نزال نشعر بالقلق، ونتساءل: هل هناك علاقة بين محاولة كسر الطقوس التي يصر عليها المصابون بعلة أسبرجر وحدوث التشنجات؟ وما هي الطريقة السليمة للتعامل معها؟

أيضا، من السلوكيات المحيرة التي تمارسها، أنها تسألنا عن شيء معين، وتكون في الحقيقة تعرف الإجابة التي تتوقع سماعها منا، وإن لم نقل الكلمة التي تريدها تحديدا، تدخل في نوبة بكاء وصراخ، وبعد فترة من الإصرار والانفعال تقول لنا مثلا: قولوا ثعلب، أو أي كلمة أخرى كانت تنتظرها، ويتكرر هذا النمط كثيرا في مواقف مختلفة.

أرجو منكم إفادتنا بما ترونه مناسبا، ونصيحتكم في كيفية فهم سلوكها والتعامل معه بشكل صحيح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا توجد علاقة بين التشنجات الصرعية وعلة (أسبرجر Asperger Syndrome) إلا في حالات نادرة، قد يكون الطفل فيها مصابا بتلف بسيط أو ضمور في خلايا الدماغ، مما يؤدي إلى التشنجات، وقد تظهر عليه في الوقت نفسه سمات وسواسية تشبه أسبرجر، ومعظم هؤلاء الأطفال يعانون من بعض التأخر المعرفي، أو ضعف بسيط في الذكاء.

بالنسبة لهذه الطفلة -حفظها الله- لا أستطيع القول بوجود ارتباط بين التشنجات والأسبرجر في حالتها، وأتفق معك أن من سمات أسبرجر الاستجابات الطقوسية الوسواسية التي تظهر لدى الأطفال، وإن كانت في الغالب ليست مكتسبة، بل تظهر منذ الشهور الأولى من عمر الطفل، ويبدو أن الوساوس الطقوسية التي ظهرت على هذه الطفلة حديثة النشأة، وهذا لا يستبعد احتمال وجود أسبرجر تماما، لأن التطور المعرفي والنمو الارتقائي للطفل يوسع مداركه، وقد تكبر الوساوس مع تقدم العمر.

أرى الطفلة تعاني من وساوس طفولية بسيطة، وربما أصبحت متعودة على نمط معين، ولا تريد الخروج عنه، وعالم الطفل لا يفرق أحيانا بين الحقيقة والخيال، وهذه نقطة يجب أن نتفهمها نحن الكبار، كما أن الطفل حين يتعلم شيئا ما، يميل إلى طلب المزيد من التفاصيل والتعمق، وهذا يزداد تعقيدا؛ بسبب عدم قدرته على التمييز بين الواقع والخيال، وربما تعاني الطفلة أيضا من درجة بسيطة من العناد، وهو أمر شائع في مثل هذا العمر.

أنتم اتخذتم الإجراءات المناسبة بخصوص التشنجات، وكنت أرى أنه من المفيد إجراء تخطيط للمخ مباشرة بعد التشنجات، لكن ما دام الأطباء الذين فحصوها أكدوا عدم وجود بؤرة صرعية، فهذا مطمئن، ولا شك أن الطبيب المختص الذي رآها، أفضل من مجرد الاستماع للوصف.

أنصح بمحاولة مراجعة اختصاصي أعصاب أطفال؛ للاطمئنان، ومواصلة المراقبة الإكلينيكية المستمرة مهمة، للوصول إلى التشخيص الصحيح، -بفضل الله- يعيش معظم أطفال أسبرجر حياة طبيعية مع مرور الزمن.

أخي الكريم: أعتذر إن لم أقدم لك الفائدة الكاملة، إذ طبيعة هذه الحالات تحتاج للفحص المباشر لتخفيف القلق، المؤشرات التي ذكرتها لا تعزز قناعتي بأن الطفلة تعاني من أسبرجر.

ختاما، نشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك ولابنتك الصحة والعافية، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات