السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة لجميع القائمين على هذا الموقع المبارك، جعله الله في ميزان حسناتكم، وكذلك تحية طيبة للدكتور المبدع/ محمد عبد العليم، جزاه الله كل خير على ما يقدمه للمرضى من سعة صدر وتجاوب وحسن خلق.
لا أريد أن أطيل، فحالي تتلخص فيما يلي:
أعاني منذ أكثر من خمس سنوات من وسواس المرض، وخاصة مرض ارتفاع الضغط، سبق أن عرضت حالتي هنا أكثر من مرة، ووجهتموني لعمل اللازم، لكنني للأسف غير منتظم في أخذ العلاج بشكل دائم؛ أستمر عليه فترة قصيرة، شهرا أو شهرين، ثم أتركه.
وسواسي يتمثل في خوفي المستمر من الإصابة بأي مرض أسمع عنه، وخاصة مرض ارتفاع الضغط، وأجد نفسي أكرر قياس الضغط عشرات المرات يوميا، حيث يرافق كل قياس شعور شديد بالتوتر، يزول بعد فترة قصيرة من الزمن.
سبق وأن جربت دواء "السيبراليكس"، وكان جيدا معي نوعا ما، وفي آخر زيارة للطبيب منذ حوالي شهرين، وصف لي دواء "فافرين" بجرعة 100 ملغ، واستمررت عليه شهرين، لكن دون فائدة تذكر، فتركت الدواء.
أصبح هذا الموضوع يؤرقني كثيرا ويؤثر على حياتي العملية والزوجية، فأصبحت كثيرا ما أنطوي على نفسي، وشغلي الشاغل هو قياس الضغط في المنزل، وعندما يكون الضغط طبيعيا أشعر بتحسن نفسي كبير، وأعود بعدها لأعيش حياتي بشكل طبيعي، لكن سرعان ما يعود التفكير والقلق مجددا بقياس الضغط، وهكذا تستمر الحلقة.
أنا آسف على الإطالة، وأطلب منكم توجيهي إلى الطريقة الصحيحة للعلاج، فأنا عازم -بإذن الله الواحد الأحد- على الاستمرار والتوكل على توجيهاتكم بعد الله سبحانه وتعالى.
دمتم في حفظ الرحمن.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذا النوع من القلق الوسواسي يعالج بضده، فالقلق يعالج دائما بما هو مضاد له، وفي هذه الحالة، من وجهة نظري ألا تترك جهاز قياس الضغط في البيت؛ لأنه سيسبب لك نوعا من القلق، وهذا القلق قد يتصاعد، عليك بالصبر، ومهما قالت لك نفسك بأن تذهب وتقيس الضغط، فلا تقدم على ذلك، وفي ذات الوقت، يجب أن تذهب إلى الطبيب وتضع معه خطة علاجية.
الضغط من أسهل الأمراض علاجا، لكنه من أسوأها إذا تم تجاهله أو التلاعب في علاجه، لدي قريب يتناول ستة أنواع من أدوية الضغط، وهو في قمة السعادة والرضا، فتصور ستة أنواع من الأدوية، لأن الفلسفة العامة الآن هي ألا تعطى دواء واحدا بالجرعة القصوى، فإذا لم يستجب المريض للجرعة المتوسطة من أحد الأدوية، يمكن إضافة دواء ثان وثالث وهكذا حتى ستة أدوية.
أخي، هذه حقيقة علمية أشهد عليها، فاجعل أسبقية وأولوية لعلاج الضغط؛ لأنه مرض سهل العلاج إذا التزم الإنسان بتناول الدواء، وهذا الالتزام سيقضي على هذا الوسواس، ولا تخف أبدا من الأدوية، حتى وإن أعطاك الطبيب دواءين أو ثلاثة لعلاج الضغط، فأرجو ألا تتردد في ذلك.
وكما ذكرت لك، لا تترك أجهزة قياس الضغط التي تستعمل في البيت، لأنها أولا ليست دقيقة، وإن كانت جيدة بالطبع، لكنها ستعزز الحالة الوسواسية لديك، واذهب إلى طبيبك مرة في الأسبوع، والتزم بتناول الدواء التزاما تاما، ومارس الرياضة وتمارين الاسترخاء، فهذه هي الأسس الرئيسية لعلاج هذا النوع من التخوف المرضي.
أكرر وأقول: إن الخوف والوسواس يعالجان بضدهما وبإدراك أنهما أفكار مسلطة عليك، وأن تعرف أن الخوف من الضغط أو من الموت لن يزيد العمر ثانية ولن ينقصه ثانية، هذه هي المبادئ الرئيسية.
ولتخفيف هذه الوساوس والقلق، أنصحك بالعودة إلى دواء الـ (سيبرالكس، Cipralex) مرة أخرى، فقد يكون أكثر فعالية في علاج المخاوف ومواجهتها، تناول جرعة عشرة ملغم، ويمكنك التوقف عن الفافرين (Vafarin) الآن بالطبع.
استمر على السبرالكس لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى عشرين ملغم، وبعد ذلك خفض الجرعة إلى عشرة ملغم أخرى، بعد أن تكون قد تناولت الجرعة الأعلى لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، ثم واصل على جرعة عشرة ملغم لمدة عام مثلا، وإن شاء الله خلال هذه المدة العلاجية تتحسن قناعاتك حول صحتك وحول ضرورة الالتزام بعلاج مرض الضغط وأنه بسيط جدا.
أخي الكريم، الإنسان ليس لديه أفضل من نفسه، فأنت حين تقول إنك لا تلتزم بالدواء وتقطع العلاج؛ هذا ليس صحيحا، وأرجو أن تعذرني في هذا، ولكن هذا من باب التناصح، نشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء، وبالله التوفيق.